طَلالٌ أبُوغَزَالَه.. مُقَاوِمٌ مُنْذُ طُفُولَتِه
أشْكَالٌ عَديدَة لِمُقَاوَمَة العَدوّ
د.عماد الخطيب
يقاوم طلال أبوغزاله العدو منذ طفولته؛ حين كان يمشي أربع كيلومترات يوميًّا إلى مدرسته ذهابًا وإيابًا، ولم يتأثر بضحك زملائه على الحِرام الذي خاطته أمّه رحمها الله جاكيتًا! ثم تعاهدَ مع صاحب المدارس ألا تكون درجاته الأعلى على طلاب المدرسة، فحسب، بل أنْ يكون الأول على الطلاب جميعهم في الدّرجات.
ويقاوم طلال أبوغزاله العدو منذ شبابه؛ حين لم يتأثر بعدد الرّسائل التي صدّت طلبه للعمل، وقد بلغت ملء حقيبة، ما زال يحتفظ بها إلى الآن! كما أنّ ثقته بما تعلّم لم تتزحزح حين أُقْصِيَ مِن عمله الذي كان الأكثر إتقانًا له بين أقرانه، ثم أسّس شركته الخاصّة مع زملائه الأوفياء، وكانت مكاتبهم من داخل سيّاراتهم، ولأكثر من عامين! حتى كوّن إمبراطوريّة، ثم خسرها يوم حرب الخليج، ثم أعاد تأسيسها من جديد في الأردن بعد مغادرته مُكْرَهًا أرض الكويت.
ويقاوم طلال أبوغزاله العدو في خطاباته؛ إذ يفتتحها بفخر: كونه لاجئًا حملته السفينة إلى لبنان، وأنّه لن يعود إلى يافا إلا بعد مغادرة العدو لفلسطين، وأنّه لا يتنازل عن المئتي مترمربع من الأرض التي أهداها له والده رحمه الله هناك، وأنّها تساوي مُلكَ الدّنيا بما فيها عنده، وأنّه يعرف ما يغيظ العدو فيستزيد معرفة كلّ يوم، ويعدّ نفسه تلميذًا إلى اليوم!
ويقاوم طلال أبوغزاله العدو؛ إذ ما زال يؤمن، مع القليل ممّن يؤمنون بزواله، وهزيمته، ومغادرته أرض فلسطين، إيمانًا لا تشوبه آراء، ولا تخلخله تحليلات كائنًا مَنْ كان! ذلك أنّه ومنذ أن تحمّلَ مسؤولية أعباء أسرته التي فقدت كلّ شيء؛ وهو يؤمن أنّ مفتاح منزله الذي أمّنته عليه أمّه رحمها الله لا بدّ سيعود معه، وأنّ طريق العودة محفوف بالمكاره.
إنّه رجل مقاومة من نمط آخر.
لم يحمل سلاحًا في معركة سوى سلاح العلم. ولم يناد لاستسلام أو مفاوضات، وما زالت قناعته بأنّ العدو غدّار ومُخادع ولا يُؤمَن جانبه. إنّه رجل خبرات متجمّعة في تاريخٍ جَمْعيّ لأهل فلسطين تتزاحمه صور ليس من السّهل زحزحتها أو إلغائها لصالح أيّ معادلة، مهما لقِيَتْ مِن استحسان طرفٍ أو ترغيب طرفٍ آخر! فالذي مسّته المأساة يختلف عمّن صوّرها في كتاباته، والذي يُؤمن بقضيّة يختلف عمّن يُجسّرها لمصالحه الخاصّة.
لقد أسّس طلال أبوغزاله خلال الثّمانين عامًا من مقاومته للعدوّ (مدرسة مقاومة) يمكن أن نلخّص مبادئها في أمرين، الأول: قاوِمْ بما تستطيع فعله بإتقان. والثاني: قاوِمْ بتطوير معارفك ومداركك.
أمّا مبادئ النّجاح التي نادى بها وما زال، فتعتمد على حبّ العمل والأمانة، ولا شيء يعلو عنده فوق ما يغيظ العدو من رئاسة منظمات العالم، واعتلاء هرم جلسات مجالسه التي حقّق منها ما لا يُحصى ولا يُعدّ!
وأخيرًا..
الرّجال مثل طلال أبوغزاله قليل: ممّن عايشوا 1948 وعايشوا 2024 أطال الله في أعمارهم، إنّهم هم مَن يرسم لنا طريق المُقاومة، ويساعدنا في تحمّل مشّاقه، ولا غِنى عن الشّباب الذين آمنوا بقضيتهم، ونظروا إلى ما بين السّطور التي يكتبها هؤلاء الرّجال، أو يتكلمون بها ليل نهار، ويتّخذونها هاديًا إلى طريق العَودة القريب إلى زوال العدوّ وتحرير فلسطين.
تعليقات
إرسال تعليق