سلسلة مقالات في العمق، يحررها: أ.د. عماد الخطيب [ بُوْقُ الحُرِّيَّة "اسْتِعْبَاد الإنْسَان للإنْسَان: أسْطُورَة أمْ حَقِيقَة" ] Trumpet of Freedom “Man’s enslavement of man: myth or reality”
بُوْقُ الحُرِّيَّة
"اسْتِعْبَاد الإنْسَان للإنْسَان: أسْطُورَة أمْ حَقِيقَة"
Trumpet of Freedom “Man’s enslavement of man: myth or reality”
أ.د.عماد علي الخطيب
كلمات دالة: إنسان. استعباد. أسطورة. مماليك. مسلمين.
مال. إبادة
ما احتاج الإنسان طويلا ليكتشف أنّ بإمكانه استعباد
إنسان مثله.
وجاء في الأساطير أنّ أحد (المُستعبَدين) استخدم بُوقًا؛
ليُعْلِمَ زملاءه بوجود حياة أخرى غير تلك التي يستعبدونهم بها أولئك. ثم سمّيت الحياة
الجديدة بالحرّية.
والحرّية مصطلح (دَخِيل) على حياة البشر؛ بعدما استعاروا
مصطلح (العبوديّة) إلى قاموس حياتهم!
وقد سعى الإسلام إلى تحرير الإنسان "الذي كرّمه
الله تعالى" من الاستعباد الحسّي والمعنويّ، وأوجب حمايته من أيّ أنواع
الاستعباد.
ولقد عرف الإنسان استعباد الإنسان قديمًا؛ منذ انقسام البشر
إلى (مالكين) و(خَدَم) مع اختلاف المسمّيات. وفي الغالب فإن (المالكين) قد أقنعوا
(الخَدَم) بالسّياسة والدّهاء وأساليب اللعب بالكلمات وتحليل النّفس.. أقنعوهم بأهمية
توفير ما يلزمهم في معيشتهم، مقابل طاعتهم العمياء لهم؛ لتسير شؤون حياتهم ولا
يموتون! كما أوهموهم بأنّهم غير قادرين على ما يقدرون هم عليه من تسيير شؤون عظيمة.
وهي بداية (لعبة الاستعباد).
ومع التّنافس على امتلاك الأرض وخيراتها. ظهرت فكرة
(امتلاك الأرض وما عليها) حتى البشر! ولضمان ذلك بدأ تفكير الإنسان بالحرب من أجل
التملّك، وأظهرت الحرب نمط (استعباد الأطفال والنّساء) الذي فقدوا أسرهم! وقد أقنعهم
أرباب الحرب أنّ استعبادهم لهم أفضل من موتهم جوعًا!
وازداد الأمر بشاعة بتفكير الإنسان ببيع الإنسان! فباع
المنتصرون أسراهم! وتمّ استعباد الأسرى. كما باع الفقراء أطفالهم منعًا من موتهم
جوعًا! "وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرّية".
وأكثر تبرير لاستبعاد الإنسان للإنسان هو التبرير الدينيّ!
بأنّ الآلهة مَنَحَته أفضليّة، ونصرته على مَن هم أدنى منه "أنا خيرٌ
منه". والأفضليّة ثاني أسباب ظهور الاستعباد بين البشر، بعد (لعبة الاستعباد
النّفسيّ).
وهكذا ارتبط الاستعباد بالقوّة. ولا ترتبط القوّة إلا بالحروب.
والحروب فقط!
وآخر أنماط (الاستعباد) هو (استعباد الخِدمة)؛ فاخترع
الإنسان (الاستعباد من أجل المال) وليس المال هو الهدف، بل العيش!
ولتمرير ذلك على المُستعبَدِين ربطوا حياتهم بالمال بدلا
من الزّراعة التي كانت -وما زالت- المصدر الأقوى لاستمرار الحياة. فصرفوا النّاس
عنها، واستبدلوا لهم ما يزرعون بما يشترون، فاستعبدوهم بالمال الذي هم من يصدره
وفي يدهم تكثيره أو تقليله!
وهكذا أقنع الإنسان نفسه استعباد إنسان آخر، وهما
مخلوقان من الطّين نفسه! والغريب أنّ قصة (آدم) أبو البشر موجودة عند أغلب أهل الأرض!
وتكاثر (المُستعبَدون في الأرض) من طمع (المُستعبِدِين)
وضعف (المُستعبَدِين). حتى ظنّوا "المكسورة باؤهم" بأنّ "المفتوحة
باؤهم" خُلِقُوا ليكونا عبيدًا! فربطوا عبوديّتهم لهم تارة بلون بشرتهم،
وتارة بقِلّة أموالهم، وتارة بضَعْفهم، وأخيرًا ربطوا استعبادهم لهم بأنّهم عَالَة
على البَشر فَهُم (قَومُ اسْتِهْلاك) لا (قَومُ إنتاج)!
فمن وكّل الإنسان باستعباد الإنسان؟ وهل الاستعباد فطرة
أم هو غريزة مولّدة من التّملك مثلا.
ولا شكّ أن (الاستعباد) صفة ملازمة للقويّ على الضّعيف. ولا
يختفي من العالم إلا إذا حَكَمَ (القويّ والضعيف) دينٌ يُعطي كلّ إنسان حقّه دون
تمييز "إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم".
وما تسمعه عن تاريخ العبودية في الإسلام محض كذب وافتراء.
فالمسلمون ما قتلوا مئات الآلاف لاستملاك أرضٍ بالقوّة،
وما عُرِفَ في عهد حكمهم للأرض مصطلح (الإبادة الجماعية) إلا من غير المسلمين. ولا
يجرؤ أيّ مسلم على بيع (امرأة أو طفل) جهارا نهارا والمؤذّن يشهد أنْ لا إل إلا
الله وأنّ محمدًا رسول الله. وإنّ أوّل من شرع (فِدية الأسير) هم المسلمون، ولقد
عاش غير العرب مع العرب في وئام لم يشهده تاريخ. كما عاش المسلمون مع غير المسلمين
بشكل لم يُؤلَف قبلهم. بل إنّ إحدى فترات حكم الدّولة الإسلامية كانت تحت لواء
(المماليك) وهو الاسم الإسلاميّ الرّاقي لمن يعُرَف عند غير المُسلمين بالعَبيد!
في الوقت الذي خرج أحد (المُستعبَدين) من مَنجم فَحم، ونَفَخَ
في البُوق؛ بعد اتّفاقه مع زملائه بأنّه إذا اكتشف عَالَمًا آخر فوق المنجم، فإنّه
سينفخ لهم أنْ يخرجوا من المَنْجم. وقد استخدم (أصحاب المنجم) فكرة (الأسطورة)
و(الوهم النّفسيّ) لإقناعهم بأنّهم يعشون حياة فُضلى، وأنْ لا حياة أخرى غير تلك
التي يعيشها النّاس تحت في هذا المنجم!
أرأيت لماذا لا يريدون حُكْمَ الإسلام..
تعليقات
إرسال تعليق