سلسلة مقالات عماد الخطيب في "طوفان الأقصى": رسالة طفل من تحت الركام.. واقعية أنقلها كما هي A realistic message, conveying it from under the rubble
سلسلة مقالات عماد الخطيب في "طوفان الأقصى":
رسالة واقعية، أنقلها من تحت الرّكام
A realistic message, conveying it from under the rubble
"إلى شركائي الذين أعانوني في مصيبتي"
لم يكن سهلا تصديق أنّ بضع ثوان ستُنهي تاريخًا طويلا مِن عَمَارٍ وذِكريات..
وتسارعت الأحداث في رأسي خلال تواجدي أسفل عمود الإسمنت؛ بسبب أهواء قادة لم يدرسوا كيف لي أنّ أنجو من تحت الرّكام!
لقد مات وذهب كلّ شيء (وتراءت لي سنوات بناء منزلنا وبعض ديون شخصيّة للدّكاكين، ساهم فيها اعتمادي على أخي، ومحامٍ لم ينقل لي الخبر الصّحيح حول الحَرب، ولم ينقلا لي ما كان "النّت" يرسله إليهم، ولم يعطياني الرّقم الصّحيح)
وجاء عملي الجديد في "القِطاع" الذي لا يرحم، ولا يبق لي وقتًا لمراجعة أيّ شيء، دون أدنى اعتبارات، ناهيك عن تسلسل الرّاتب الذي بدأ من ألفٍ وانتهى ببطء إلى ألفين، وقبل إتمام الأربعة سنوات كانت الجائحة ودعوى الإفلاس كفيلة بإنهاء خدماتي وديًّا!
ما كنت مهتمًّا بقنوات التّواصل الاجتماعيّ، ولم أتعرّف على ما حصل، ثم أستطيع الذّهاب بعيدًا ولا أتأخر عن العمل الذي يجب لي أنْ أكون فيه.. فتمكّنت من التّواصل مع أحد الأعضاء (من الأبطال) أعرف اسم كنيته (أبو قتيبة) ظانًّا أنني أراجعه لتعثّرٍ في أمرٍ ما، وأنّني أطلب حلا لمشكلة التّعثّر تلك، ولم يخبرني بأنّ منزلنا سيتعرّض إلى الهلاك!
كما أنّني طلبت حلا برسالة إلى أحد المدراء الأبطال (نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة عمل كبيرة، وتعرّفت إليه بصفتي الوظيفيّة) قال لي بأن أراجع الدّائرة، ولمّا راجعتهم انصبّ حديثهم على توفير دفعة من الشّباب، وتقسيط الباقي، دون أنْ يصرّحوا بأنّ منزلنا سيصير إلى خطر!
وكلّ ما تحدث به معي الرّفاق الأعضاء أنْ أدافع مع 10 بدلا من 14 وحتى انتهاء القضيّة، وأنّ تلك كانت قيمة الغرامات، كما أفهموني، دون أنْ أعلم عن أيّ قضيّة يتكلّمون، وكرّروا ذلك كثيرًا: أنّ عليّ أنْ أدافع مع 10، وقالوا: "كلّ شيء سينتهي إلى خير"!
واتّصلوا بي كثيرا؛ لأوفّر العشرة، ولم يتحدّثوا عن شيء غير ذلك، ولما سألتهم عمّا إذا ما وفّرتُ، فهل هذا كفيل بإنهاء القضيّة. قالوا: "نعم".
وهذا كان مضمون رسالتي إلى (مدير فرع الأبطال) آنذاك إذ طلبت إمهالي؛ لتوفير العدد، وطلبتُ منهم ستة أشهر على ذلك. ولم يتم الرّدّ عليّ وعلمتُ وديًّا من خلال (أبو قتيبة) أنّهم أعطوني المُهلة التي طلبتها في الرّسالة؛ لتوفير العدد. وحديثي كان حديث مَن لا يعلم بالتّدابير.
وكان تساؤلي: أين أنا من الإجراءات. ولم يبلّغني أحدٌ!
وحسبي الله ونعم الوكيل
وبعد:
إخوتي وأصدقائي وشركائي في المسجد والشّارع والحارة والهواء والسّماء..
كم كان لوقفتكم معي، وسؤالكم عن حالي الأثر الأكبر.. وكم كانت سعادتي، وقد شاركتم كلّكم بالدّعاء لي، وأنا تحت الرّكام، ووفّرتم لذلك مكبّرات الصّوت، وقد أعدتم الأمور إلى حيث يجب لها أنْ تكون!
والله أشكر وقد هداني إلى شكركم، ومراسلتكم، ومحادثتكم تارة بترتيب، وتارة دون ترتيب، وقد استجبتم لي بالكثير، وبالقليل، فمثل تلك الحالات يصبح القليل فيها كثيرًا.
وكنتم على قدر المسؤوليّة الدّينيّة والتّارخيّة الأخلاقيّة والمجتمعيّة.
شكرًا لقليلكم قبل كثيركم.. لقد طوّقتم عنقي. أحثّكم، وأحثّ نفسي، على المبادرة دائمًا وأن "اجتنبوا كثيرًا من الظنّ"، و"تعاونوا على البرّ"، و"كونوا عباد الله إخوانًا".
ومَنْ ظنّ أنّه في مأمن، فليُراجع نفسه (أين يعيش): فإنْ كان في مُلك الله، وتحت حُكْمه، فليس بعيدًا ما يتوقّعه أو لا يتوقعه أنْ يحصل في ثوان. و(البِرّ) وَجْهُ خيرٍ أوجده الله تعالى، لمثل تلك الحالات، وإلا لَمَا أنزله القرآن الكريم.
لا أراكم الله مكروهًا وسدّد خطوات حياتكم لما يحبّه ويرضاه
أخوكم الذي ما زال ينتظر تحت الرّكام
تعليقات
إرسال تعليق