سلسلة مقالات عماد الخطيب في "طوفان الأقصى": أسْيادُ العَالَم لا يَعيشون دُون عَبِيد شُذوذ تاريخيّ عَلَنِيّ.. والمَخْفِيّ أَعْظَم

  

سلسلة مقالات عماد الخطيب في "طوفان الأقصى":

أسْيادُ العَالَم لا يَعيشون دُون عَبِيد

شُذوذ تاريخيّ عَلَنِيّ.. والمَخْفِيّ أَعْظَم

تم نشرها سابقا 
• 11‏/12‏/2023



مقصودنا في كلمة (أسْيَاد) الذين قادوا العالم؛ لأنّهم ربحوا الحَرْب.

ومقصودنا في كلمة (عَبِيْد) مَنْ يُشْرَى ويُبَاع لغاياتٍ لا محدودة!

وتاريخيًّا:

لم تأخذ تجارة العبيد طابعًا تجاريًّا، مثلما أخذته في العهد الإنجليزي/الإسباني الحديث، ولم يستعبد شعبٌ بني البشر، كما استعبد الأمريكان الزنوج، فلقد تنافست السفن الإنجليزية والفرنسية والهولندية والبرتغالية على امتياز نقل الزنوج الإفريقيين للأمريكان، وصنعت لذلك معاهداتٍ، وصكت عقود تجاريّة؛ ونقل إلى أمريكا بموجبها حوالي 100 ألف زنجي في عام )١٧٩٠م  فقط)، أما أقدم معاهدة فهي "أوترخت (١٧١٣م( " ونقلت إسبانيا بموجبها عبيدًا من الزنوج وغيرهم، من المستعمرات الإسبانية من فرنسا إلى إنجلترا، وعلى سنوات!

وهكذا.. فاز الإنجليز بوسام (أكثر الناقلين) للعبيد إلى أمريكا؛ لأنهم نقلوا أكثر من مليوني زنجي إلى أمريكا في السّبعينيات والثمانينيات، كما وضع الإنجليز لاقتناء العبيد القوانين، وامتلأت صفحات جرائدهم بعروضٍ لبيع العبيد من الصّبيان والنّساء! وعرفت شوارع خاصة في باريس ببيع العبيد، قبل عام (١٧٦٢م).

ومن هنا..

فقد عكست (أخلاق دنيا السّياسة) رؤية (المنتصر) على (المغلوب) أو (مَنْ هو في حُكْم المغلوب) وانتصرت النّزعة التّجاريّة و(لغة الكَسْب) بعد الحرب على كلّ شيء، ومن ذاك (تجارة العبيد)، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل استهزأ (المنتصر) بقيم الأخلاق، ونشر الرذيلة؛ رغبة في جر العالم إلى ما هو عليه، ظانًّا أن السبيل إلى سيطرته على العالم هو إلغاء (العقل) ولن يكون ذلك إلا بنشر الرذيلة.

فكيف كان ذلك؟

لم يفرّق النّاس بين أدوات الكَسْب؛ فتنافس الإنجليز على انتشار (دُور البِغاء) عام١٧٥٠م، ونشر(دُور بيع المُسكرات)، وتنافست الحكومات على صناعة (دُور القِمار المُنظّم)، واخترعتْ (يانصيب الحكومات) وروّجتْ له، وسيطرت (شهوة القِمار) على مجمل حياة الإنجليز!

وتحكّم المال في كلّ شيء!

حتى سهّلت الحكومات زراعة ما يلزم لدور المُسْكرات، ومن الطريف أنْ تنافس رَجُلَا "أمريكا وإنجلترا" عَلَنًا على كمّيات استهلاك المُسْكرات، وفاز الرّجل اللّندنيّ – بجدارة- وهو يستهلك مائة جالون مُسْكِر في السَّنة، كما فازت (شوارع لندن) بجائزة أكثر الشوارع العالميّة انتشارًا للحانات، وانتشارًا لمخازن الخمور!

واليوم..

لا أحد يذكر هذا التاريخ، لصالح تاريخ وهميّ احتاج الإنجليز ومعهم الأمريكان إلى كثيرٍ من (الخُدَع)؛ لتغيير نظرة الناس إليهما؛ ليقبل العالم قيادتهم لهم.

وبالأسلوب ذاته: تحكموا بالمال وطباعته وبنوكه وقواعد صرفه وتنقلاته، وترأسوا منظمات دوليّة، نصّت قوانينها على "تساوي حقوق الإنسان فوق هذا الكوكب"، وتجاهلوا قوانين كانوا قد وضوعوها لاستعباده، والاتّجار به، وسادوا العالم بالدولار والإسترليني من قبله، واتفق الإنجليز على التنازل لصالح الأمريكان فحلّ الدولار مكان الإسترليني عملة عالميّة.

وأخيرًا..

يريدون الانتقال من كل هذا التاريخ المخزي إلى تاريخ أكثر بياضًا!

هذا هو تاريخ أسياد العالم بالقانون الأكثر سيطرة (قانون التّحكّم بالمال) ولم يسودوا العالم بأي فكر أو حضارة؛ فقد سبقتهم الصّين ودول أخرى إلى ذلك، وبقي من يلهث وراءهم في ذيل القائمة!

وبعد، فلا بد لعالم أسياد المال أنْ يملؤه العبيد؛ لخدمة أولاء الأسْياد، فإن انتهى (عصر العبيد) على الورق، فإنّه لم ينته من عقول أولائك الأسْياد.

فإمّا أنْ توافِق على سيادتهم؛ لأنّهم لنْ يرضوا مَنْ يشاركهم تلك السّيادة – إلا عَنْوَةً - أو ستكون عَبْدًا لهم "إنْ على الحقيقة أو على المجاز"؛ كونك عَبْدًا لأموالهم. أو سيكون مصيرك إلى الموت!

 

 

 

تعليقات