سلسة مقالات عماد الخطيب عن الشركات العائلية.. الشّرِكَات العَائِليّة بينَ الوَهْم وَالوَاقع "سِيرة مجموعة هائل سعيد أنعم (HSA) اسمُ عَلَى مُسمّى" 1/2
الشّرِكَات العَائِليّة بينَ الوَهْم وَالوَاقع
"سِيرة مجموعة هائل سعيد أنعم (HSA) اسمُ عَلَى مُسمّى"
1/2
يظن بعض كتّاب
السّير للشركات العائليّة، بأنّ حديث الابن عن والده أو جدّه بأحسن الأحوال،
وتضحياته من أجل وصول الشركة أو المصنع لحاله الذي استلمه الابن عنه، يكفي لعدّ
شركتهم أو مصنعهم من الشركات العائلية!
كما يظن الابن
المتحدث عن والده أو جدّه أنّه يمثل الجيل الثالث من أجيال الشّركة، وأنه بحديثه
عن التّطوّر التلقائيّ الذي أجراه على ما كان في أيام والده أو جدّه وما هو معروف
(بالحوكمة) قد حقّق شرط تسمية شركتهم بالشّركة العائليّة!
لا. الواقع أنّ
تلك الشركات أو المصانع ليست شركات عائليّة.. بل شركة تملكها أسرة مكوّنة من عائلة
واحدة "الجد والأب والابن وربما الأحفاد من ذاك الابن فقط".
إذن ما شروط
الشركة التي تستحق أن نسميها بالشّركة العائليّة؟
وإنني إذ أعذر
شركاتنا العربيّة التي تسمّي نفسها بالشّركات العائليّة؛ فذلك لسببين: الأول قِصَر
عمر الاقتصاد العربيّ زمانيًّا، مقارنة مع كبريات الشركات العائليّة في العالم؛
فعمر أطول شركة تملكها عائلة لا يتجاوز خمسين عامًّا، والسبب الثاني هو أنّ مفهوم
توارث القيم ما زال غير واضح بين الشّركات العائليّة، وهذا ما يجعلنا نتوقف عند (مجموعة
هائل سعيد أنعم) لنعدّها أنموذجًا للشّركات العائليّة العربيّة بمفهومها
العالميّ.
هذا، ويظهر
الابن في سِيَر بعض الشّركات العائليّة العربيّة بدور المادح لوالده! أكثر من سرد كونه
الباني المؤسّس؛ ذلك أنّ الابن لا يرى في والده إلا صفة (التّاجر الناجح) ويتغنّى
بوصفه الأكثر دراية بشؤون التّجارة والاقتصاد، دون أيّ إشارة إلى صفة (الوالد الذي
أورث القِيَم التي تسير عليها الشّركة) بل إنّ أغلب تلك الشّركات تَنسى أنْ تكتب
لها (دستورًا) من القِيَم المتوارثة التي تسير عليها شركتهم.
يصف ابن (هائل
سعيد أنعم) والده بالمدرسة والجامعة التي تعلّم في كنفها؛ من خلال سلوكه اليوميّ
في العمل والمنزل، ويسرد كيف أنّه أخذ عنه الدّروس والعِبَر في صدق التّعامل
والإخلاص في العمل، وتقوى الله وحبّ الخير، ومواساة النّاس، والجلوس مع العلماء،
وبرّ الوالدين، والصّبر، والجَلَد عند الشّدائد والتّوكّل على الله.. ولا يقف عند
هذا الحد، بل يخبرنا أنّ أفراد (أسرة آل سعيد) ما زالوا يستلهمون من سيرته العطرة
كثيرًا من الدّروس والعِبَر.
ولا تختلف
البيئة العائليّة والأسريّة التي نشأ فيها أيّ ابن من الجيل الثّاني أو الثّالث من
الذين ورثوا الشّركة عن أبيهم في أيّ بلد عربيّ! من حيث اهتمام الوالد بابنه، أمّا
في مجموعة (هائل سعيد أنعم) فقد تحدّث (أبناء آل سعيد) عمّا ورثوه من آبائهم من قِيَم،
وحبّ العمل، وأنّهم شرّقوا وغرّبوا؛ بحثًا عن طلب الرّزق في ظل ظروف اقتصاديّة
قاسية.
ومن سمات عائلة
(آل سعيد) التي تتميّز بها بين أغلب من يسمون أنفسهم بالشّركات العائليّة أنّ
الفرد من عائلة (آل سعيد) يحكي باسم (الجماعة) ويهتم بالعائلة كلّها لا بعائلته
فقط، فكم هو مُستهجن أنْ يتحدّث أحدهم عن (شركة عائليّة) ورثها من أبيه وكان والده
قد ورثها من جدّه، ولا يخرج حديثه عن نفسه ودراسته واهتمام والده به واهتمامه
بأبنائه! فعن أيّ عائلة كان يتحدّث؟
لقد تحدّثت سِيَر
مؤسّسي مجموعة (هائل سعيد أنعم وشركاه) عن نموّ أفراد العائلة، وتزايد الأعباء
والمسؤوليّات على كلّ فرد منها مجتمعين، كما سردت كيف تقاسَمَ الكلّ العباء وحلول
المشكلات.. فالحديث عن (عائلة بمعنى الكلمة) في ترابط أفرادها وتشاركهم في دار
واحدة وأرض زراعيّة واحدة ومصدر دخل مشترك يشكّل الوضع الآمن؛ إذ يتوزّع الأب
مسؤوليّة رعاية (أفراد العائلة كلّها) والقيام على شؤونها، ويساعده في ذلك النّساء
والفتيان من أبناء العائلة كلّها، بينما يتولّى الشّباب تأمين المال، وتكون الأم
أو زوجة الأب غالبًا هي المسؤول الأول عن إدارة اقتصاد الأسرة وتدبيرها، وقد تنتدب
إحدى بناتها أو زوجات الأبناء لمساعدتها في هذه المهمّة.
إنّ أهم ما
يميّز (أبناء الشّركات العائليّة) التماسك، والاعتداد بالقيم التي تدير علاقاتهم
مع بعضهم أولا، ثم علاقاتهم مع الآخرين من حولهم ثانيًا، ومن أبرز هذه القيم المحبّة،
والإيثار، والمبادرة، والتّفاني، والكرم، وحبّ الخير والسّعي فيه، وبذل المعروف.
وأخيرًا..
فإنّ (مجموعة
هائل سعيد أنعم وشركاه) شركة عائليّة بامتياز..
ويمكن أن
نعرفها بقولنا: هي "نتاج منظومة خاصّة من بيئة عائليّة نموذجيّة؛ احتضنت
أبناءها، وشكّلت روحهم الإيمانيّة والقيميّة، وغرست في نفوسهم حبّ العمل، وصدق الانتماء
إلى العائلة الكبيرة، والمبادرة لخدمة مجتمعهم أسوة بذواتهم ، والتّشبّع بقيم
الخير والبرِّ والإحسان، والاهتمام بالنّجاح".
يتبع 2/2
تعليقات
إرسال تعليق