الإيْجابيّ أو السّلبيّ ولا ثالثَ لهما
"هَلْ تَعْرِفُ مِنْ أيّ أَصْنَافِ البَشَرِ
أَنْت؟"
لا أحد
يلومني على ما سأكتب. فقد اجتاحت البشر اليوم تصنيفات عجيبة. وقد آمنوا بها.
وصاروا يحكون الأمثال فيها مثل: (اللي بوكل عضرسه بنفع نفسه)، و(امشي وحدك تيجي
راضي)، و(خليه يقلع شوكه بإيده). فهل هذا من الأخلاق أو التربية!
بل يظنّ بعض البشر أنّه (لا يمكن أنْ يتغيّر) مردّدًا أمثالا
لا وجود لها إلا في قاموسه! كأنّها (ثوابت!) مثل: (اللي مجبول على اشي صعب
يغيّره)، (واللي شبّ على اشي شاب عليه)، و(الطّبع غَلَب التّطبّع). فمنْ قال هذا؟
إنّه كلام خاطئ علميًّا وعمليًّا.
إذا كنت من البشر!
فما سمعته الآن لا يستقيم مع كونك من البشر! فمَنْ تظنّ
نفسك؟ لقد تغيّر مَنْ هم أكثر منك تمسّكًا بعادات ظنّوا ليوم ما أنّهم إنْ تركوها
ماتوا!
فلماذا لا تتغيّر؟ ولماذا لم تتغيّر؟ الجواب: لأنّك لم
تفكّر في أنْ تتغيّر. ومن المصائب إذا كنت تظنّ أنّك الأفضل من بين البشر!
فإيّاك وهذا الظنّ! فما زلت نقطةً في بحرٍ يموج بالبشر.
أما النّفس، فعلى العكس مما تظنّ؛ فهي مجبولة على أنْ تتغيّر. بل يمكنها أنْ
تستبدلَ ثوبها.
الآن. اقرأ معي؛ لتتعرّف على نفسك (مَن تكون؟) ومن أيّ
أصناف البشر أنت.
واعلم أنّني وأنا أكتب عن البشر، فأنا في سنّ متقدّمة، وأكتب
من واقع عملي وعمَّنْ صادفتهم، راجيًا بكتابتي أنْ أساعد البعض؛ ليتعرّفوا على
حقيقة أنفسهم، وأنْ يغيّروا من سلوكهم، تجاه الإيجابيّة بدلا من السّلبيّة، التي
قال فيها ربّنا عزّ وجلّ: "لأمّارة بالسّوء".
فاقرأ معي أصناف البشر، وتعلّم أنّها (ثمانية تفريعات) مفرّعة
عن (اثنتين)، وسنبدأ بتفريعات البشر الإيجابيين، وأولّها ذاك الإيجابيّ المهتم
دائم السّؤال الذي يفرّغ من وقته للتّحاور أو التّواصل وجاهيًّا أو رقميًّا، ولكنّه
لا يساعد الآخرين إلا بالكلام فقط! لا بالفعل. حتى وإنْ كان قادرًا!
والثّاني هو الإيجابيّ المهتم دائم السّؤال كذلك، ولكنّه
لا يفرّغ من وقته للتّحاور أو التّواصل لا وجاهيًّا ولا رقميًّا. إلا ما جاء صدفة.
وهو كذلك لا يساعد الآخرين إلا بالكلام فقط! لا بالفعل. حتى وإنْ كان قادرًا!
والثّالث هو الإيجابيّ المهتم دائم السّؤال الذي يفرّغ
من وقته للتّحاور أو التّواصل وجاهيًّا أو رقميًّا، وهو الذي يساعد الآخرين بالفعل،
لا بالكلام فقط! حتى لو يكنْ قادرًا!
والرّابع هو الإيجابيّ المهتم دائم السّؤال. ولكنّه لا
يفرّغ من وقته للتّحاور أو التّواصل لا وجاهيًّا ولا رقميًّا. إلا ما جاء صدفة. وهو
كذلك يساعد الآخرين بالفعل، لا بالكلام فقط! حتى لو يكنْ قادرًا!
أما البشر السّلبيين، فيتفرع عنهم ذاك السّلبيّ غير
المهتم إلا بنفسه! ويتهرّب من مساعدة الآخرين. ولا يتحدّث إلا بما يخصّه! جهرًا أو
همسًا. ولا يساعد أحدًا لا بالكلام ولا بالفعل. حتى وإنْ كان قادرًا!
والثّاني هو السّلبيّ غير المهتم إلا بنفسه! كثير اللّوم
للآخرين صراحة وغمزًا. ويتهرّب من مساعدتهم. ولا يتحدّث إلا بما يخصّه هو! جهرًا أو
همسًا. وهو كذلك لا يساعد أحدًا لا بالكلام ولا بالفعل. حتى وإنْ كان قادرًا!
والثّالث هو السّلبيّ غير المهتم إلا بنفسه! ويتهرّب من
مساعدة الآخرين، إلا أنّه يتحدّث عن غيره بالهمس فقط! لا بالجهر. وهو كغيره لا
يساعد أحدًا لا بالكلام ولا بالفعل. حتى وإنْ كان قادرًا!
والرّابع هو السّلبيّ غير المهتم إلا بنفسه! ويتهرّب من
مساعدة الآخرين. ولا يتحدّث إلا بما يخصّه! جهرًا أو همسًا. ولكنّه لا يلوم
الآخرين: لا صراحة ولا غمزًا. وهو كالبقيّة لا يساعد أحدًا لا بالكلام ولا بالفعل.
حتى وإنْ كان قادرًا!
وأخيرًا..
فعندنا في التّاريخ الحضاريّ العربيّ الإسلاميّ أمثلة
دالّة على إمكانيّة التّغيّر؛ فلقد تغيّر الصّحابة رضوان الله عليهم بنسبة 100%
وانقلبت دنياهم من عادات إلى عادات، كما تغيّر مجتمع (الأنصار والمهاجرين) إلى
مجتمع مثاليّ ساحر! وغيّروا العالم!
واعلم: أنّنا لن نصل إلى المثاليّة مهما اجتهدنا! إلا
أنّنا نطمح أنْ نتغيّر إلى الإيجابيّة بنسبة 50% أو أكثر قليلا. وهذا يكفي وجيّد.
فهل تعرف من أيّ الأصناف أنت؟ ولا تقل ثمّة صنف ثالث من
البشر يدمج بين (الإيجابيّ والسّلبيّ)، كما قد تظنّ فهذا غير موجود في الحياة! وما
قد يختلف بين البشر هو الأحداث، والأزمنة، والأمكنة فقط! أمّا النّتائج فهي إمّا
أنّك قد تصرّفت بإيجابيّة، أو بسلبيّة. أكنت تعرف هذا. أو جهلته! فراجع نفسك: هل
توافقني الرأي؟ ثم غيّر نفسك. وإنْ كنت ترى صنفًا رابعًا. فأفدني.
تعليقات
إرسال تعليق