المَعرفة.. ثورة
الثّورات الأغلى مستقبلا
علينا تصحيح مُسمّيات
"مراكز الأبحاث" لتصبح "مراكز للابتكار"
من بين الثّورات
الهدّامة.. ثمة ثورة من نمط آخر، لا تهدِم.. إنّما تبني، وتُنشئ ثروات.. إنّها
(ثورة المعرفة). فما هي المعرفة؟ وما أدواتها؟ وما الغرض المستفاد من تتبّعها؟
المعرفة... أم ثورة المعرفة..
إنها الأداة الأكثر تأثيرًا في العالم، وهي ليست كأي
ثورة سبقتها.. أمّا مفهومها، فيعتمد على كونها "ثورة"ولكنها ثورة إيجابيّة
"تتعلق بكل ما تستخدمه التكنولوجيا الرّقميّة، أو تُستخدم له"، وبتعبير
أوسع: "هي الثورة التي أنتجتها تقنية المعلومات، أو تُنتِجُ لأجلها أدوات ما
كان لها أن تكون حقيقة لولاها".
المعرفة مصطلح عام لكل ما هو ذكيّ في عالمنا، ولكلّ ما يسير
بالذّكاء التّقنيّ (AI)؛ فكلّما في الدنيا –كبيرًا كان
أم صغيرًا- يصنعه الذّكاء، ويُصنَع بالذّكاء، وتستخدمه العقول الذكية في مسرح
حياتها، ولن يبقى غير الذّكاء الذي يقوده الأذكياء في مستقبلنا القادم "عِلمًا
معرفيًّا ذا قيمة".
إن كلّ علوم الدّنيا اليوم تستفيد من "تكنولوجيا
الذّكاء الرّقميّ" في عصر المعرفة،وقد أحكمت التكنولوجيا قبضتها على العلوم،
وما يَنتجُ عنها.. وكما قادت "أجهزة الذّكاء الرّقميّة" العالم، يقود
الجهاز العصبي جسم الإنسان!
ويعلمنا طلال أبوغزاله أن ما تحتويه الكتب من معلومات..
فليست هي المعرفة التي أعنيها، إنّما هي (مادة) تحتاج إلى المعرفة من أجل إدارتها،
والاستفادة منها، ودون ذلك ستبقى مواد، لا قيمة لها وحدها؛ في ظل (ثورة الثورات -المعرفة)غير
المسبوق على مجالات العلوم كلها.. فثمة "مادة نظريّة للفيزياء"، وثمة
"معرفة عمليّة للفيزياء"، بها نصنع الصّاروخ، ونطوّر المركبات، وثمّة
"مادة نظريّة للأحياء"، وثمة "معرفة عمليّة للأحياء" بها
نختبر الجينات، ونقدر المفيد منها أو الضار.. إلى غير ذلك.. وهذا ميدانه المعرفة،
وليس كتاب المادة!
فإلى متى ستستمر (ثورة الثورات) في التصاعد؟ أظن بأنها ستستمر
إلى نهاية هذا القرن 2030 وأتفق بذلك مع (بل جيتس).
أما أهم ما صنعته هذه الثورة المعرفية، مما لم نشهد
مثيلا في التاريخ، فهو أنّها ساوت بين قيمة العلوم كلّها؛ لأنّه لا قيمة لأيّ علم
دونها، فالزمان قد تغير؛ إذ ستتفوق (ثورة الثورات المعرفية) على أيّ معلومة
تتعلّمها في أيّ مادة عُلوم كنتَ قد تعلّمتها، و(ثورة الثورات) ليست كالثورة الزّراعيّة
مثلا التي أعلت من شأن الزّراعة، وما ينتمي إليها، ولكنّها "ثورة الثّورات"،
كما يمكن أن نسمّيها، والثورة التي ستعيش فترة أطول من باقي الثّورات التي مرّت
على العالم.
ولكن ما شكل الثّورة القادمة بعدها؟
لا أحد يعلم، أو يستطيع أن يتكهّن عن شكل الثّورة التّابعة
لثورة المعرفة، أثمّة ما ينتظرنا؟ هل بقي أكثر مما شاهدناه اليوم؟ بعد أن باتت الأحلام
حقائق، والخيالات واقعًا، فماذا بعد؟!
ويعلمنا طلال أبوغزاله بأنتها (ثورة الحكمة) التي بها
يكون البشر قد طوعوا معارفهم لاختراع ما يخدم بيئتهم، وحياتهم.
ومن أجل التّجهيز لما هو قادم.. واستشراف المستقبل..
علينا تصحيح مُسمّيات "مراكز الأبحاث" لتصبح "مراكز للابتكار"؛
لأننا في زمن الابتكار، فمتى سنفهم أنّ كتابة النظريات وإثباتاتها أصبحت من
الماضي؛ في ظلّ التّقنيات الرّقميّة التي أصبحت تخطط وترسم وتدير وتحسب وتنظم...
أفضل من أفضل إنسان!
وأخيرًا...
لا أكتب مقالي من أجل المحاورة، أو المناظرة، فالشمس لا
يغطيهاالغربال!
ومن لم ير بعد أن المَعرفة هي الثورة الأغلى في العالم،
وأنّها جرّت إليها علوم الكون، وأنها ساوت البشر تحت مظلّتها، وأنّها سنحت لهم بفرصة
ذهبية؛ لارتياد مركب العلوم الذي فاتهم قطاره فيما مضى من زمن، وأن عليهم النهوض
بالعقول نحو الابتكار، وأنه لا مجال للوقوف، أو التفكير لاتخاذ قرار، أو مخالفة
التيار؛ فالأمر جلل، و"قد أعذر مَنْ أنذر".
تعليقات
إرسال تعليق