ثَلاثُ كِذْبَات كَشَفَتْها حَرْبُ فِلَسْطِين فِي غَزّة "المَال، والإنْتَرنِت، والأوْنرَوا" بقلم: أ.د.عماد علي الخطيب

 ثَلاثُ كِذْبَات كَشَفَتْها حَرْبُ فِلَسْطِين فِي غَزّة

"المَال، والإنْتَرنِت، والأوْنرَوا"

بقلم: أ.د.عماد علي الخطيب

كشفت حرب فلسطين في غزة، مجموعة كِذْبات، أساسها الظاهر (العدالة) ولكنْ أساسها الباطن المعمول به بين الساسة وأرباب السلطة في العالم أن (لا عدالة) في كوكبنا، وأنّ ما يجري باسم العدالة، هو صنيعة الظَلَمَة الذين يوجهون رسالة مفادها أنّ الأمر بيدهم، وأنّ على من لا رأي له أنْ يرضخ لمن كان الرأي له، وإلا سيخرج من الكوكب ميتا بلا قيمة، كما يظنّون.

ولقد اختفت تلك الكذبات وراء القناعات المزيّفة التي يلفّها قناع زيفٍ اخترعناه بأيدينا، لا لشيء، سوى أنّنا أضعف من أنْ نواجه حقيقة ضعفنا فقط!

وسأتحدّث عن أهم ثلاث كذبات من بين كذبات كثيرة، لم تكن أوهامًا، بل كذبة بمعنى الكذبة، وصرنا كمَنْ (كذب الكذبة وصدّقها).

الكذبة الأولى: أنّ المال موزع بعدالة بين سكان الكوكب، وتلك كذبة؛ لأنّ المال هو أرخص ورق ذا قيمة بين أيدي الناس، وهو لعبة اخترعها أقوياء العالم ومنتصرو الحرب العالمية الثانية، ورسموا حدود ما يجب فيه، وما لا يجب، واستمروا في الكذبة عامًا بعد عام، وصولا إلى دوامة من الكذبات ومسمّيات مثل (أسواق المال) و(بيوتات المال) و(بنوك المال) وكله (ورق) بلا أصول، ولا رقيب، وهم صنعوا له تلك البيوتات وتلك البنوك والصرّافات، وهو بيدهم لا بيد أحد غيرهم؛ لأنّهم هم فقط المسموح لهم أنْ يحدّدوا سعر العملة لأي كان! فلهم أنْ يرفعوا أو يهبّطوا سعر عملة مّنْ يريدون! وقد أنسونا أيّ تعامل تجاريّ آخر بغير ذاك الورق الذي أسموه زورًا (المال) وأطلقوا عليه بهتانا اسم جمع هو (العملات)! فاستملكوا رقابنا.

الكذبة الثانية: أنّ الإنترنت وجه من وجوه تحقيق العدالة، وتوزيع المعرفة! وماذا لو كان الإنترنت هو الوسيلة الأولى والأخيرة لكسب المعلومة؟ وهم من يملكون مفتاحه؟ لضاع النّاس! ولأننا صدّقنا كذبة تَسَاوي النّاس في ظل الإنترنت من حيث تلقيهم للمعرفة، وحوّلنا كلّ أعمالنا من الورقيّة إلى الرّقميّة، صارت رقبتنا بيدهم. وظنّوا أنّ بإغلاقهم أسلاك الإنترنت عنّا سنكون بلا مصدر للتّعلّم. ونسوا بأنّ لنا ذاكرة تحفظ السّند والرّجال، وأنّنا نقلنا علومنا بالسّند. فخاب ظنّهم، وخسروا ما راهنوا عليه.

الكذبة الثالثة: أنّ الأونروا صورة لتحقيق العدالة يقدّمها (المجتمع الدّوليّ) لمن فقدوا أوطانهم، ولكن ليس في النصف الذي يعيشون فيه، بل في النصف الذي يعيش فيه غيرهم!

وعن أيّ عدالة يتكلمون، وهم السبب في الكثير ممن فقدوا أوطانهم. لقد صنعوا (الأونروا)؛ كي تكون وطنًا بديلا (بلغة الاستعارة). فكيف نرضى لمن كان سببا في فقد أوطاننا أنْ يقود (أونروا) تعطينا فتاتًا ممّا كان تهبه إيّانا أوطاننا. هل نسينا أنّهم هم مَن فعلوا بنا ذلك. فكيف نؤمّن لهم بعد أنْ دمّرونا. ماذا سنجيب عقلنا حين يسألنا. 

وأخيرًا:

فعلينا أنْ نفكر جديًّا في صنع بنكنا الخاص، وعُملتنا الخاصّة، وأنْ نعيد (التّداول بالبضائع) بدلا من (التّداول بالعملات) فقط! فماذا لو أحيينا (طريق الحرير العربيّ الجديد) بالتعاون مع حلفاء جُدُد: بعيدًا عمّا تخطّط له الدّول العظمى التي يهمّها فقط نفسها، وإذا تفوقت عليها، كان هذفها إدمارك، وحلوا مشاكلك بدعوتك إلى الاستلاف من (البنك الدّوليّ) و(صندوق النّقد الدّوليّ) والاستلاف يعني مزيدًا من (ورق مُذلّ)! ولْنعلم أنّ الموارد أهم من (ورق المال)، فالموارد تجلب المال والعكس غير صحيح.

كما علينا الإبقاء على (إنترنت عقلنا) يقظًا، فإنْ قطّعوا (أسلاك الإنترنت) وأخفوا صفحات (الذّكاء الاصطناعيّ) عنّا، فإنّهم لن يقطعوا (أسلاك ذكائنا الفطريّ)؛ إلا بإنهاء حياتنا. وهذا ما يقومون به فعلا!

إنّ المجاهدين الأبطال في فلسطين هم الذين اخترعوا (إنترنت الحاجات)؛ إذ كلّما احتاجوا اختراعًا، وجدوا له في ذاكرتهم صفحة بيانات، فـ "إنّ لله أقوامًا إذا أرادوا أراد".

وعلينا في نهاية المطاف محاربة (الأونروا) وليس الدّعوة إلى (عدم محاربتها) كما هو الحال اليوم! ما بالنا نفرح بقبول (بريطانيا) مثلا أنْ تدعم الأونروا! على ماذا نفرح؟ نفرح على تثبيت ضياع حقوقنا في أوطاننا. نفرح على (كذبة) اخترعوها لنا. لماذا لم يخترع العالم الأونروا للاجئين من دول أوروبا! هل نفرح لأنّهم قسّمونا فئات وأرقامًا! وهل عاد من جدوى للحديث عن أونروا تدعمها دول كانت سببًا في شتاتنا وتدميرنا وتقتيلنا وذلّنا!

ما هذه المعادلة. يدمّرون. يقتلون. يدعمون الأونروا. ثم نصدّق ما كذّبوا بأنّهم داعمون!

تعليقات