سلسلة مقالات عماد الخطيب: "وذلك مما أعلمني ربي".. مقال الأسبوع الرّمضانيّ الأول 2024 لَفْظُ الجَلالَة في القُرْآنِ الكَرِيْم

سلسلة مقالات عماد الخطيب: "وذلك مما أعلمني ربي"..

مقال الأسبوع الرّمضانيّ الأول 2024

لَفْظُ الجَلالَة في القُرْآنِ الكَرِيْم



        تنوّع ذكر (لفظ الجلالة) في القرآن الكريم، فيرد اسمًا بعدّة أوجه، أكثرها "اللَّه" (2395) مرّة، وقد ورد في (1825) آية من أصل عدد آيات القرآن (6236) "الله نور السّموات والأرض"، وجاء على صورة "للَّه" (143) مرة، و"تالله" (9) مرات، و"فالله" (6) مرات، و"بالله" (139) مرة، و"فلله" (6) مرات، و"أبالله" مرة واحدة فقط. وقد توزعت على (85) سورة.

        وتكرّر لفظ الجلالة (7) مرّات في آية واحدة من سورة المزّمّل، "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، وتكرّر (40) مرّة في سورة المجادلة، في (22) آية، "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ".

        وورد لفظ الجلالة بصيغة "اللَّهُمَّ"، و"إله"، و"ربّ"، "وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ". وورد لفظ الجلالة ضميرًا بعدّة أوجه، أكثرها (هو) (259) مرّة، وجاء على صيغة (أنا)، و(نحن) و(الذي) و(نا)، (والياء)، "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيْعًا.." و"يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"، و"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ.."، و"إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ".

        وورد لفظ الجلالة ضميرًا مستترًا، "يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذّكور". ولم يرد (لفظ الجلالة) في (29) سورة من أصل (114) سورة من سور القرآن الكريم.

        ولا يلتصق لفظ الجلالة (الله) بالضّمير، على سبيل الإضافة، كما لفظ (إله) أو (ربّ) "قل إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحد"؛ فينفرد لفظ الجلالة (الله) قوّة وعظمة واستعلاء يكتسبها من لفظه مستقلا، ولا يصحّ إسلام أحد من النّاس إلاّ بالنّطق به، ولا تنعقد صلاة أحد من النّاس إلاّ بالتّلفّظ به، وهو لفظ مشتقّ من الألوهيّة بمعنى العبوديّة، وفرعون قال: "أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى"، ولم يقل (أنا الله)!

        ولا يقع لفظ الجلالة "الله" صفة أبدًا، وليس له ترجمة. ويرد مُتقدّمًا أكثر منه متأخّرًا؛ لأغراض، منها (التّعلّق)، "اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ"، أو (التّعظيم) "بَلِ الله فاعبد وَكُن مِّنَ الشّاكرين"، و "وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ"، أو (التّخصيص)، "يُقَلِّبُ الله الليل والنّهار"، أو (المحوريّة) و" نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ"، و"إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ"، و"كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ"، أو (الإنكار) "لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ".

        ويتقدّم ضمير الجلالة "هو" على لفظ الجلالة "الله" (9) مرّات في القرآن الكريم، وكلّها جاءت لأغراض التّعظيم والتّأكيد على عظمة قدرة الله تعالى، "قُلْ أَرُوْنِي الَّذِيْنَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيْزُ الْحَكِيْمُ".

        وإذا ما تقدّم ضمير الجلالة "هو" على اسم الجلالة الموصول "الذي"؛ فلغرض (التّدليل)، وسبقهما حرف (الواو) في (28) آية، من (56) آية أوردت (هو الذي) في القرآن الكريم، أي مناصفة! "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيْعًا وإذا ما تقدّم ضمير الجلالة (أنا) فلغرضي (التّأكيد) و(التّعظيم)، "يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".

        أمّا إذا تأخّر لفظ الجلالة "الله" عن الخطاب القرآنيّ التّصويريّ فلتعظيم الشّأن، "لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيته خاشعًا متصدّعًا من خشية الله".

        أمّا إذا اجتمعت ألفاظ الجلالة معًا وتقدّم أحدها على الآخر، ففي كلٍّ غَرَض، "والَّذِي هو يُطْعِمُنِي ويَسْقِينِ"، ولا يلتصق أيّ ضمير بلفظ الجلالة (الله)؛ لذلك تستدعي الآيات الكريمات لفظ الجلالة (ربّ) لإلصاق ضمير (الكاف) به "فسبح بحمد ربّك"، مؤكّدة على صفة الاستعلاء، وكذلك الحال في تأكيد صفة الاستغفار بأن تكون لله تعالى فقط "واستغفره إنّه كان توّابًا".

   

 

تعليقات