سلسلة مقالات عماد الخطيب... وذلك مما أعلمني ربّي الظلم في ألفاظ القرآن الكريم

 

سلسلة مقالات عماد الخطيب... وذلك مما أعلمني ربّي

الظلم في ألفاظ القرآن الكريم

مع تنامي الظّلم بين النّاس، وظنّ البعض بأنّه بكلمة "القانون هكذا" سيعفيه من اتّصافه بالظّالم وسينجيه من محاسبته أمام مَنْ لا يظلم سبحانه.. ومع تصاعُد حِكمة خَاطئة مثل: "الظّلم مع الجماعة رحمة".. نقول:

(الظّلم) من أكثر الصّفات الإنسانيّة وُرودًا وتفصيلا في القرآن الكريم؛ إذ وردت (289مرة)، وامتدتّ على أكثر من نصف السُّوَر.. وغلب استخدامها فعلا " فظلموا "، و"يظلمون" على الاسم (16 مرّة) "بظلم"، و"ظالمين".. 

ولم تخرج عن معناها المُباشر "التّجاوز والتّعدّي على الغَير" مع لجوء الغير لله تعالى فقط طلبًا لحقّه" وأمَرَنَا ربّنا ألا نَصْبِرَ على الظّلم "انتصرَ بَعْدَ ظُلْمِه"، و"إلا من ظُلِم"! 

فما أصعبها من مُهمّة! وأنت تُدافع عن ظُلمك أمام الجبّار "ولو تَرَى إذ الظّالمون في غَمَرات المَوت"!  "لا تحسبن الله غافلا عما يفعل الظّالمون".

وخرج معنى "تَظْلِم" أي: (تُنْقُص) " ولم تَظْلِمْ منه شيئًا".. ووردت مرتين بمعنى (ظنّ السّوء بالله تعالى) "وما ظَلَمُونا" والجواب؛ "ولكن كانوا أنفسهم يَظْلِمون ".. أي: هُم يُنكرون جَميل الله تعالى عليهم!

وللظّلم درجات فـ "الأظلم" هو الّذي" افترى على الله كذبًا"، و"الّذي مَنَعَ مَساجد الله أنْ يُذكرَ فيها اسْمُه"، و"مَن كَتَمَ شَهادة عِنْدَهُ من الله"، ويتساوى معه المُشرك الذي "كذّب بآيات الله".. 

وإذا تتابعت الصّفتان "ظُلم"، و"عَظيم" فهي إشارة إلى "الشّرك" بالله عز وجلّ؛ فتكرّر ربط (الكُفر) بالظّلم "كَفَرُوا وظَلَمُوا".. 

والظّلم صفة غالبة في الإنسان.. كأنّه يميل إليها، ويجب عليه مقاومتها.. "اسْتَيْقَنَتْهَا أنفسهم ظُلمًا وعُلُوًّا".. لذلك نفاها جلّ وعلا عنه سبحانه "وما ظَلَمْناهم"، و" ولا يُظلَمون فَتِيلا"، و"إنّ الله لا يَظلم النّاس شيئًا" وتكرّرت مرتين "وما الله يريد ظُلمًا".. كما انتفت بالصّفة المُبالِغة "وما ربّك بظلّام للعَبيد".. 

والتصقت صفة (الظّلم) بالإنسان مباشرة " ظَلَمَ نفسه"، و"ظَالِمٌ لنفسه"، و"ظَالِمِي أنفسهم"، والقرية "ظَالِمة"، والقرون "ظَلَمُوا"، والقرى "ظَلَمُوا". كما التصقت صفة "المظلوم" بـ "المقتول" "قُتِلَ مظلومًا".

وكَثُرَ ورودها جماعة " ظلموا"، و" ظلمتم"، و"ظالمين"، ويَظْلِمُون" على المفرد" ظَلَمَ"، و"بِظُلْمٍ"؛ لأنّ الظّالم يتقوّى بجماعته "إنّه لا يُحبّ الظّالمين"، و"يَظلِمُون النَّاس"، الذين شاركوه الظّلم! "ولا تركنوا إلى الّذين ظَلَموا"، والنّتيجة "لعنة الله على الظّالِمِين"، وما لهم من "أنْصَار"، ولا "نَصِير".

ولأثر (الظّلم) درجات.. أشدّها ظُلم النّفس "كانوا أنفسهم يَظْلِمُون"، وأنفسهم كانوا ظَالِمَين ".. "ولو أنّ لكلّ نفسٍ ظَلَمَت" فداء، ما قُبِلَ منها حتى لو افتدت بـ " ما في الأرض" كلّه! أما علاج (الظّلم) فبإصلاح ما أُفْسِدَ بظُلمك "تابَ مِنْ بَعد ظُلْمِه". و"إنّه لا يُفلح الظّالمون" مهما وَهِمُوا! ولا يَنفع "الّذين ظلموا" مَعذرتهم.. فانظر في التّاريخ "كَيْفَ كان عَاقِبَةُ الظّالِمِين".

 

تعليقات