عماد الخطيب يكتب: شكرًا لكل من علّمني، ولو حرفًا واحدًا: للمرّة الثّانية علّمتمونا خطأ.. وكشفتكم الكورونا!

شكرًا لكل من علّمني، ولو حرفًا واحدًا:

للمرّة الثّانية

علّمتمونا خطأ.. وكشفتكم الكورونا!


كنت قد كتبتُ قبل خمس سنوات عن خطأ في تعليمنا مارسه من كان يلقننا من (دكاترتنا) في الجامعة..

وهو أن الكتاب الورقي سيبقى خالدًا، وأن البحث عن المعلومة مدة طويلة يجعل النتيجة أكثر دقة مما لو حصلت عليها في ثوانٍ، وجاء زمن الإنترنت لينسف كل ما علّمونا إياه. وغضب عليّ من غضب من أساتذتي في حينها ولكنهم اليوم لا أسمع لهم صدى!

والآن جاء من ينسف أمرًا آخر يرتبط بالفيروسات وأنها لا تظهر إلا في زمن الحروب والأوساخ، ولكننا في زمن الكورونا نجد الفيروس ينتشر في أكثر الأماكن نظافةً! ولا علاقة لوجوده بين نظافة أو وساخة!

إننا لسنا في زمن العجائب، بل إننا في زمن الكورونا قد تفوقنا على زمن الكوليرا، وزمن الملاريا، انعكاسًا لتفوقنا في (التواصل) الذي صنع تفوقًا في كل المجالات [السياسية والاجتماعية والتربوية] وظننا أننا نتفوق فعلا وصرنا نسمع أننا (نعرف كل ما يعرفون!) وأن (النت) لم يدع جهلا! ولا عذرًا عند أحد كي لا يعرف!

أية خدعة تلك التي علمتمونا إياها! هل وصول المعلومة يعني احترافها ومعرفة أسرارها! لا؛ لأن تاريخ العلوم يشهد سيطرة أجيال على أجيال بسبب حاجة هؤلاء إلى معلومة أولئك وليس إلى أموالهم أو أسلحتهم!

لقد سببت الكورونا اضطرابًا في المفاهيم، والعالم كله لا يعرف لها سببا، وهذا أهم من كوننا لا نعرف لها علاجًا!

ورغم تساوي العالم في زمن الكورونا اليوم بسبب الجهل! إلا أن إحساسًا ما يحسسنا بالتضاؤل أمامهم وإحساسًا ما يحسسهم بالتكبّر علينا! لقد كشف زمن الكورونا، أول زمن ميكروبي نشهده في عصرنا الحديث، أوبئة كاذبة مررنا بها مثل (انفلونزا الخنازير) و(انفلونزا الطيور)!

إننا نمرّ في مفترق طرق فإما أن نستثمر زمن الكورونا ونعيد حساباتنا، في برامج تعليمنا، وجدارة مواقعنا الوظيفية، ورغبتنا في التطوير، وإلغاء مفاهيم لصالح أخرى مثلا (نلغي الإصلاح ونلغي معه الواسطة)، و(نلغي محاربة الفساد ونلغي معه الواجهات بكافة استخداماتها)، ونحيي مفاهيم ماتت في مجتمعنا مثل: الجدارة بديلا عن الواسطة، والإبداع بديلا عن " كلّه ماشي"، وآخر ما يجب أن نلغيه من قاموس حياتنا (أننا نتعلم في جامعاتنا ما يتعلمه غيرنا فالمخرجات بيننا وبينهم متباعدة جدًا) أو أن يُكتَب علينا نصف قرن أخرى من التبعية.

 

تعليقات