سِيمَا الدّلالة في العلاقة بين الأسماء والأحداث "في الرواية الأردنية"

سِيمَا الدّلالة

في العلاقة بين الأسماء والأحداث

"في الرواية الأردنية"

عدّ عبد الله الغذامي قراءة النص قراءة للواقع، لكن بطريقة تحويلية يصير الواقع معها لغة تجعل القارئ يحس به على أنه أثر يبحث عنه من خلال متغيرات. أي أن "القراءة عملية دخول إلى السياق، وهي محاولة تصنيف النص في سياق يتمثله مع أمثاله من النصوص.



وتتجلى سيميائية ربط الأسماء بالأحداث عند (جمال أبي حمدان) في روايته "الموت الجميل"، وقد قارن الراوي بين شخصيتين نسائيتين الأولى بلا اسم ووصفها بـ (الغريبة) وهي زوجه التي حضرت للقرية، وتنافسها في ذكريات الماضي الحبيبة التي جاء اسمها مطابقا لأسماء بنات القرية وهو:



(وطفا النعمان)

وقد صنع الراوي بينهما حدثا تقابليا بين الماضي في القرية والحاضر في المدينة.. ورؤية الناس لكلتا الشخصيتين.. فقال :



"
سألوني عن الغريبة.. من هي ؟ "



وترتبط المرأة عند (سميحة خريس) بصورة المرأة القوية في روايتها ( الخشخاش)، من خلال مجموعة أحداث فيها من الدلالة السيميائية الكثير، فعند امرأة الخشخاش:



-
تتجلى بصورة زَهْرة.



-
وتقول عنها :



"
ما عادت جسدا عاريا، ...".



وتدور الأحداث عن كاتبة إبداعية تتبادل الأدوار مع حورية كانت قد سبحت عارية لتعترف لحبيبها بنصفها السمكي، فاتهمها الكل بالجنون .. ثم ترفض أن تتحول لحظة الحب بينهما إلى رمانة يشقها الوجد، فتسيل عسلاً، ولا يخفى ما لهذه الكلمات من دلالات سيميائية واضحة ترتبط بأسماء (حورية) ثم سترتبط باسم نبتة الـ(خشخاش) !.. التي تهدى لها فتتخلص بفضل هذه اللوحة التي مرسوم عليها حورية من رتابة حياتها، وتلك الهدية حوّلتها إلى حورية حقيقية – كما في خيالها – فصارت معها تركض حتى آخر الصفحات و تنتهي من روايتها كأنها حورية تنتقل للواقع. فكانت حكاية الساردة مع الحورية أقرب لحكايات ألف ليلة وليلة.



ولعل شخصية (الحورية – الإنسان) تعود إلى حالة بطلة رواية (الخشخاش) النفسية، ... مما يكشف أن الواقع النفسي لا علاقة له بالزمن العادي، بل بالزمن المرسوم داخل الشخصية نفسها. ويكون لهذه الشخصية ذات البعد النفسي الاجتماعي بما قدمته من حدث وأحداث في الرواية مجموعة دلالات سيميائية نجملها بما يلي:



-
جاءت هذه الشخصية متعددة القضايا والنماذج.



-
تمثل هذه الشخصية موقفا فكريا.


-
للشخصية موقف مدافع عن قضايا المرأة.

- الشخصية ذات تماسك يحس خلاله القارئ بفوضى تحيطها تتحكم هي بها نحو

ما تريد.



إن الفنان هو الذي يخلق شخصياته ويدعها تتصرف كما تملي عليها الأحداث وتطور حركتها الداخلة، ولا يتدخل في عملها، ولا في تصرفاتها، ولا في أحكامها على الأشياء، وكأنها مخلوقات ليس بينها وبينه رابطة: " فلا يملي عليها ما يراه من الأفكار أو ما يعتقده من الخطأ والصواب "، وقد لا تتميز شخصية بفرديتها إلا تميزا ضئيلا، دون أن تظهر شيئا آخر من سماتها الفردية.



وعندها تقدم هذه الشخصية انطباعا وصورة عن الوضع الاجتماعي الذي تمارسه، حيث يحاول الكاتب أن يسمو بشخصياته إلى درجة عالية من النمذجة، كي ترتقي للتعبير عن طبقة أو فئة أو شريحة اجتماعية معينة، وبما أن هذه الشخصية تجسد موقفا من المواقف، فهي ليست فارسًا أو بطلاً تقليديًا يخوض المعارك والصراعات وينتصر في النهاية، بل هي شخصية تنقل وجهة نظر فكرية هي أن القضية العامة التي قد تخص المجتمع يمكن أن يكون للفرد وجهة نظر ما فيها.



ومن الشخصيات السلطوية اسما ومعنى شخصية (فريدة الرشيد) في رواية (سميحة خريس) (شجرة الفهود : تقاسيم العشق) وتبدو الرسالة واضحة وذات بعد سيميائي يوجده الحدث وينميه اختيار الاسم، تقول فريدة :



"..
هيا لنعشق ! أريد أن أحب .. أن أعشق .. أن أفتت جسدي على أحجارك يا بلد، وأسقي كل شجرة قطرة وأطعم كل زيتونة لقمة "



وحاولت الروائية أن تفضح – من خلال شخصية فريدة - مظاهر الخلل في واقع الانتماء، فقدمت واقعا مأزوما ممتلئاً بالأخطاء والعثرات والمفاسد، محاولة تحليل معظم الأحداث وردها إلى أصولها الإيديولوجية أو الخرافية الأسطورية, لكشف هذا الخلل دون تقديم علاج له على عادة الروائيين وتلك سمة سيميائية مفادها التدليل والإشارة والترميز لا الغوص والسبر في الأغوار.


ومن شخصيات هذا النموذج السلطوي في رواية (زياد قاسم) : (العرين)، الشخصية التي سماها ( الدكتورعبد اللطيف) وهي أبعد ما تكون للطف مكانا.. يقول الراوي:


"
.....فقد كان عبد اللطيف يفتنها بدبلوماسيته التي كانت أقرب ما تكون إلى الرومانسية ".



فقام عبد اللطيف باغتصاب طالبته (مجد) .. فعاشت معه حياة التمرد والحرية، ثم مارس أقصى سلطاته واستدرجها وهددها وجرها إلى فراشه ! واكتشفت مجد كذبه وخداعه ومحاولته قتلها بعد أن أخذ متعته منها، فأنهت هذه الطقوس المظلمة .



ومن الشخصيات المرتبطة بالأحداث سيميائيا شخصية سماها الراوي (الصغير) في رواية عنوانها ( طيور الحذر) عند (إبراهيم نصر الله)، فقد أراد صغير الطيور أن يعلّم الطيور الكبار الحذر، فنسي ذاته، وأمعن في النسيان، حتى وقع في شباك قابض الأحلام . ورواية ( طيور الحذر ) نموذج فريد من نماذج أدب القهر، إذ يخترق الشخصية القهر من خلال حصار اليأس, فتذهب في رحلة الاغتراب نحو الجسد والنفس، محملة بالهموم، والشوق للوطن. ويمكن أن نعيش سيميائية الحدث في صغير طيور الحذر من خلال بسط الدلالات التالية:



-
يعيش صغير طيور الحذر رحلة عذاب في صورتين، صورة تدريب أهله الحذر. وصورة القهر والمرارة والفقر من حاله وحال أهله معه.



-
لا يستطيع أن يتحمل الصغير قراءات الواقع وحدته، وأمامه تنهار الأحلام كلها، ويبقى جسده ملقى على ذرات الألم واليأس..



يطلب البحث كاملا من :

EMAD_ALKHATEEB@YAHOO.COM

تعليقات