عماد الخطيب يكتب عن: الشّخوص وعلاقتها بالمكان السرديّ الأردني

الشّخوص وعلاقتها بالمكان السرديّ الأردنيّ


يعرف المكان في السرد بأنه ما تقدم فيه الوقائع والمواقف ( مكان وزمان المواقف، مكان القصة ) والذي تحدث فيه اللحظة السردية  هذا ولو أنه من الممكن أن يتم السرد بدون الإشارة إلى مكان القصة ، ومكان اللحظة السردي أو العلاقة بينهم، إلا أن المكان يمكن أن يلعب دورا مهما في السرد وإن السمات أو الوصلات بين الأماكن المذكورة يمكن أن تكون هامة وتؤدى وظيفة موضوعية وبنيوية كوسيلة للتشخيص 0فمثلا إذا قام السارد بأداء سرده من سرير في إحدى المستشفيات فإن هذا يعنى أنه أو أنها على حافة الموت وأنها تسارع من أجل أن تكمل سردها ، وفضلا عن ذلك فإن من السهل أن يتفهم الواحد أن هناك سردا أو أكثر تتعارض فيه اللحظة السردية مع المسرود .

 

فما علاقة المكان بأسماء الشخصيات ؟

 

لقد ميّز (جاستون باشلار) بين ثلاثة أنواع للمكان بحسب علاقة الرواية به، وهي:

 

 

1- المكان المجازى: وهو الذي نجده في رواية الأحداث وهو محض ساحة لوقوع الأحداث لا يتجاوز دوره التوضيح ولا يعبر عن تفاعل الشخصيات والحوادث.

 

2- المكان الهندسى: وهو الذى تصوره الرواية بدقة محايدة، تنقل أبعاده البصرية، فتعيش مسافاته، وتنقل جزئياته، من غير أن تعيش فيه.

 

3- المكان بوصفه تجربة تحمل معاناة الشخصيات وأفكارها ورؤيتها للمكان وتثير خيال المتلقى فيستحضره بوصفه مكاناً خاصاً متميزاً.

 

ولعل شخصية (عمر) باسمها الذي يعمر، أخذت من اسمها وتاريخها القوي في ذاكرة الناس ما استطاعت استثماره في رواية (محمد الطاهات) (حكاية قرية حكاية رجل) إذ يمكن تتبع أحداث شخصية (عمر) مع تتبع عوالم الرواية التي ينتمي لها المكانان : المغلق أوالمفتوح، فنرى ارتباط عمر بأماكن الرواية وخلق سيميائية تذوب بين الشخصية والمكان الذي تلعب دورا بارزا فيه، فنقرأ قول الراوي عن :

 

المدرسة التي رفضها أهل قريته بالأمس وصارت مطلبا، والخيمة التي يعلم فيها (عمر) القضاء في البادية، و الشوارع الترابية الضيقة المعوجة في القرية، والأرض التي يريدون إعادة توزيعها واستصلاحها وزراعتها، والبيوت والمضافات التي يناقشون فيها أمورهم .. و لواء عجلون الذي ينتقل ( عمر ) فيه من مدرسة إلى أخرى مديرا فاعلا متميزا .. والسجن الذي دخله (عمر ) متهما بخروجه عن النظام ! وصولا إلى المكان الأهم وهو قريته التي يذكرها لا على التلميح، بل على التصريح : القرية ليست ذلك المكان المفتوح فقط، بل هي مكان ضيق.. يعني يعرف بعضها أخبار بعض بسهولة والقرية هي التي يعود إليها ( عمر ) و الفرح يغمره من تطور حالها و اهتمامها بالمدرسة والتعليم – والقرية هي أكبر قرية في اللواء، بل في المملكة، ويريدها أن تكون الأكبر في كل شيء ولما يصلها.. يصلها مديرا على المدرسة التي ساهم في بنائها يوما ما .. و " عاد عمر .. ليستقبل في بلده استقبالا عظيما ".

 

وتترى الأماكن ذات العلاقة بـ (عمر) في الرواية تدريجيا، من عوالم مغلقة وأخرى مفتوحة، لها دلالات سيميائية ترتبط بمشهد أو بآخر بشخصيته، فنرى :

 

- المدرسة وهي سيمياء الخطر القادم كما يظنه أهل القرية..

 

- الخيمة سيمياء المعرفة والثقافة التي يعيها أهل القرية ولا يخاف خطرها.. وكان (عمر) يعلم فيها القضاء.

 

- الطرقات والشوارع الترابية في القرية ، والمقبرة الدارسة التي اقترح إقامة مشروع المدرسة الجديدة فوقها، والحقل والشارع والمسجد والسوق، والبيوت والمضافات.. وغير ذلك. كل ذلك يؤثر على مدى قرب العلاقة بين (عمر) وتلك الأماكن مهما كبرت أو صغرت..

 

وقد تجسد المكان سيميائيا بعلاقته مع شخصية البطلة الفنانة (زبيدة العربي) في رواية ( امرأة خارج الحصار ) إذ تستذكر أحداث القصف في بيروت وتربط حال خوفها بحالها منذ ولادتها والخوف لم يفارقها.

 

فهل (زبيدة) شخصية لامرأة ضعيفة عكس دمار المكان عليها هذا الضعف ؟

 

نعم، وتركز الأحداث على تحويل الدلالة السيميائية لهذا، فظهرت دقائق صمت تأملت زبيدة خلالها منظر (بيروت) بعد الدمار والتشرد من ويلات الحرب، ثم ظهرت هالة من الصمت الحاضر على ما رأت من خراب وكارثة ..ثم تحولت ذاكرتها إلى آلة تصوير مجنونة فقدت السيطرة على أفلامها المخزنة وعادت بالذاكرة إلى "الحلم" :

 

"فرأت فيلم " بحيرة البجع "، و كانت ترى طعم الذرة المنفوشة يتضاعف ويسيل في فمها ".

ثم تتوالى الأحداث في زمن أقرب للاسترجاع الخارجي من زمن الحلم :

 

" فلا لون ولا صوت للحياة... "

 

"أين نحن الآن ؟ "

 

" آلمها موت مدينتها "

 

و مما يلاحظ على ما تقدمه شخصية (زبيدة) من دلالة سيميائية، هي أنها :

 

- تطرح مشكلة الواقع كما هو.

 

- الجرأة والتعرض للقضايا الحساسة.

 

- تصور اليأس ورفض الموت ذلا.

 

- الهدوء النسبي في تقديم الشخصية.

 

- الثورة لا تكون إلا على واقع ذليل.

 

- نجاح الثورة مرهون بقناعة أصحابها لما يصنعون.

 

ويروي السارد قصة احتراق ( الأسواق )، التي تحتضن سيميائيا جملة من التفسيرات للواقع الاجتماعي والاقتصادي والذاتي – المتغير مع الحرب على بيروت - لتجارب الحياة اليومية عند البطلة. وتبدو الأماكن ذات دلالة سيميائية فيما ترتبط خلاله بأحداث يمكن إيجازها بما بالأوصاف التالية :

 

- السوق محترقا.

 

- المدينة مثل مدينة الأشباح.

 

- الجدران متساقطة مثل غابة.

 

- الساحات الترابية ممتدة مثل صحراء.

 

- الشجيرات باهتة اللون أمام سينما الكابيتول كأن الشمس حجبت عنها منذ سنين ..

 

- نصب " ساحة رياض الصلح " محطم.

 

- ساحة الشهداء، مزارع الليمون، صيدا، صور ، باب إدريس، الجامعة،، سوق الصاغة ، كورنيش عين المريسة ، ... وصولا إلى القول بأن بيروت = المكان = المدينة = زبيدة ماتت

 

ومن سيميائية الشخصيات الثابتة، نقف مع شخصية اسمها ( الثائر )، عند (سميحة خريس) في روايتها(القرمية)، و يأتي وصفه مرتبطا مع وصف (البادية)، و تقف الحكاية بين فضاءين [المدينة ( التي كانت قرية بالأمس ) والبادية التي ينتمي لها الثائر..ولقد أولى سارد ( القرمية ) للمكان وعلاقته بالشخصية دلالة سيميائية ملحوظة، إضافة لكون الثائر يسير الأحداث والوقائع، بإحالته إلى أمكنة واقعية معروفة لدى المتلقي.. فترواح الرواية بين سيميائية رامزة وواقعية ساحرة.

 

انظر هذه السحرية في السرد حين أوردت الساردة حكاية مدن أردنية وفلسطينية معروفة فقص الراوي حكاية الثائر وهو على " مشارف الجفر " ، و" الطفيلة "، و" الكرك " ، و" سكة حديد عمان " ، و" العقبة " ، و" معان "، و... وكلها أماكن شاركت البطل (الثائر) في إحراز نصره..

 

ومن سيميائية المكان ذي العلاقة غير المباشرة بأسماء شخصيات الرواية ما استحضره علي الدلاهمة في روايته (الوشاح الأحمر) : عندما انتقل الراوي من مكان شكلته بادية سحاب إلى مكان العاصمة عمان، ونقل الأحداث إلى صويلح في عمان، وقد تزوج البطل الذي سماه بـ ( ناصر) من الغجرية سرًّا، وقد سمّى الراوي الغجرية باسمين هما (ريا) أو (هاجر).. و هناك تجري المدينة علاقتها مع ناصر مجراها و تنتهي بموت ناصر هناك قرب سحاب ميتة الغريب عن بلده وهو يحن إليها.

 

و لعل المكان المغلق في الغربان ( المخبز ) هو حصار خارجي وداخلي للبطل حسن ، يلجأ إليه ليقبع في ظلاله المنغلقة ليعبر بهمسه عن الضيق الذي يلازمه، مما يجعله دائم الهرب إلى داخله رغبة منه في البوح بمشاعره وأحاسيسه ليرتاح خوفا من الخارج المحيط به و كأن الكل ينظر إليه :" فلقد أمضيت ليلي في المقابر و الترب الشعبية " ثم في ابتعاد(حسن) وانغلاقه عن هذا المكان ( المخبز ) – و هو يحترف صنعته - ذكر لروابطه المتفككة و ابتعاد عن مكانه الأصيل ( جبل الجوفة في عمان )، و تأخذ الأماكن لدى الراوي دلالة الغرفة المغلقة عن العالم المحيط، فيذكر: " تعتبر أيامي في المخبز الآن كالنعيم، إذا ما تذكرت سوق الخضرة، و مصنع الأحذية .. و أصبحت أتنفس بعمق أكثر .. ". و يعد ( المخبز ) مكانا منفتحا على الذات.. فالمخبز يحتضن حياة البطل.. و إليه المهرب و اللجوء رغم شروده و حيرته ..

 

ونقف مع شخصية ( البطل الخباز حسن ) و( فاطمة ) في رواية هزاع البراري (الغربان) فيواجه حسن مصيره في مكان مفتوح " وسط البلد في عمان يتجول في أطراف الشوارع .. أمامه صورة الجبل متعاليا "..

 

ولـ (حسن) الذي من المفترض ان يعيش حياة الحسن ويحس بالحسن في أي مكان حكاية مع عمان في سبيل العيش بكرامة، يقول:

 

" وعثرت على فندق شعبي، ينزل إليه بدرجات طويلة وكأنك تنزل إلى قبو للبشر المنبوذين. كانت غرفة متسعة تشبه الإسطبل، ذات نوافذ صغيرة، .. ومفارش ممدة على الأرض، .. يقبع فوقها مخلوقات تحمل ملامح بشر كانوا يعيشون، حتى قذف بهم الاضطهاد إلى هنا وتأبطهم نفس المصير، كان المكان يفوح برائحة الاحتقار .. ما أحقر الإنسان إذا تحطم

 

سيميائية المكان تقودنا للقول بأن ( حسن ) يرمز لألم الانهزام .. فهو ما يزال يبحث عن مكانه الذي يحقق حلمه فيه .. ويرى في المكان الحقير فرصة التعبير عن ألمه !

 

فحسن وعلاقته بالمكان / عمان سيميائيا كما يلي :

 

- حلم حسن بمدينة عمان لم يتحقق.

 

- يرى حسن في عمان الصخب، والارتباك، وعدم الوضوح فقط.

 

- هربت نفس حسن من كل ما يحيط بالمدينة من حدث اجتماعي أو سياسي أو ثقافي أو اقتصادي.

 

- يندمج حسن بالمدينة ويغرق في وصفها.

 

لقد أخذ المكان الطبيعي مساحة غير بسيطة من الروايات، لمنح هذا الفضاء حقه من الوصف والتقديم المباشر وغير المباشر –كما نريده هنا -. وكما قال (جورج باستيد): " إن المدينة عالم يقاس كل شيء فيه بالمقياس الإنساني "، فإن دراسة المكان والمدينة بشكل محدد، تؤدي إلى اكتشاف أبعاد مجهولة في النص الروائي، فالمدينة طراز متميز للحياة الإنسانية "

 

أما عن  علاقة سيميائية الأسماء بالجو الأسطوري في الرواية:

 

من ذلك ما جاء في رواية هاشم غرايبه (المقامة الرملية) وتسميته لشخصية متعددة الألقاب والمسميات وتحمل أسماء ثلاثة.. ولكل اسم منها بعد دلالي مختلف ويجمعها كلها أن الشخصية هي شخصية غير اعتيادية وتقترب من الأسطرة. والأسماء هي :

 

(الخميس بن الأحوص أو بشر الخير أو بشر الحافي ) الذي يتزوج تارة من نساء جنيات، وتارة يتزوج من ( الشيماء) ابنة شيخ القبيلة، مستفيدا من المال الذي أخذه دية بدلا من الاعتراف بالثأر.

 

ولقد رسم الغرايبه عالما من المعاناة والمفارقات، حيث الشقاء في كل صوره والفقر, معريا هذا الواقع، ناقما على ما يفعله بالبشر ! ويجعل عالم السارد في حالة صمت، مع البساطة في التعبير.

 

ومن تلك الشخصيات المؤسطرة شخصية ( الأزارجة ) عنده وهي مخلوقات غريبة جلدها جلد ثعبان تحتل الصحراء ! وجاء في وصفهم عنده :

 

" عيونهم شق من الأسفل للأعلى و آذانهم عريضة و طويلة ... يفترش واحدهم أذنا ويتغطى بالأخرى . وحين يصيح يلف أذنيه حول وجهه ورأسه فتنكشف عورته الخنثى ويستتر وجهه الشائن و يمضي في الأرض فسادا " .

 

ومن الشخصيات الأسطورية المهمة عند مؤنس الرزاز في روايته (سلطان النوم وزرقاء اليمامة ) تحضر شخصيتان متقابلتان في معنى الحب، هما (روميو) و(جولييت) ويحضر روميو بشخصية بسيطة، مفهومة، فقد جاء عنه أنه :

 

" يعيش في مدينة الضاد، وهو خارق يملك قوة على ترويض هوج الرياح ... ويذهب للقاء ( جولييت ) التي تتأخر عن الحضور، وبعد أن يرى من العجائب ما يرى يقرر الانتحار فيطلق على رأسه النار، ولكنه لا يموت بل يفقد السمع من الجانب الأيمن من الرأس فقط " .

 

فروميو وجولييت يتحركان في السرد بصورة بسيطة غير مركبة ولا معقدة، فدورهما دور المتابع لا المتطفل. . إضافة لما يمثلانه من تاريخ درامي لقصة الحب التي تبدأ بالصعوبات وتنتهي بالأحزان.. وتلك يسميها النقاد بالسيماء السردية الشارحة ( Metanarrative sign )وتعني وجود سيماء في سرد ما، وقد يشير المصطلح صراحة إلى واحدة من الشفرات أو الشفرات الثانوية subcodes التى يتم وفقا لها إنتاج الدلالة في السرد، و هذه السيماء متعلقة بسيماء أخرى تعد عنصرا في الشفرة التي تشكل الإطار السردي اللذان يظهران فيه معا والسيماء السردية الشارحة تشير صراحة إلى وجود وحدة سردية : وتزودنا بأجوبة على أسئلة من قبيل ما تعنيه في الشفرة الفرعية أو التحتية التي يتم وفقا لها تطور السرد..

 

كذلك تحضر الشخصية الأسطورية ذات الدلالات السيميائية المتعددة (زرقاء اليمامة)، وإذا ما انتقلنا إلى جوهر نص الرواية، فإن زرقاء اليمامة امرأة ذات قدرات خارقة، تمتلك القدرة على قراءة الأفكار، وعلى رؤية كل ما يقف أمامها، و(زرقاء اليمامة) هي البديل الموضوعي لشخصية (جولييت).

 

ومن دلالاتها السيميائية أنها :

 

- نموذج نسائي من صاحبات الفعل ذي القدرة على التغيير وتحدي الواقع مهما كان جديدا براقا.

 

- قادرة نسبياً على الاختيار ومقاومة خراب الواقع .

 

- وفيها روح مقاومة، ورافضة للاستلام. وتعيش الزرقاء في مكان شبيه لعالم روميو ..

 

فيقول الراوي :

 

"فزرقاء اليمامة التي تعيش في عالم الضاد لا تكتفي بالتحذير سواد الليل وبياض النهار من التحركات المشبوهة لكثبان الرمال... ومن بحر الظلمات الذي يحد عالم الضاد من الغرب، لكنها تملك قدرة خارقة على قراءة ما يجول في الرؤوس وما يعتمل في النفوس... لكن بصيرة زرقاء اليمامة تخترق الآفاق والأبعاد والحدود" .

 

- وزرقاء صاحبة قدرة نظر، وقد استشرف لها الراوي هذه الخصوصية من قصص التراث التي امتازت فيها الشخصية التقليدية لزرقاء اليمامة، مع تحويل القدرة على البصر إلى القدرة على الاستبصار وقراءة الأفكار.

 

- ترتبط الزرقاء بعلاقة حب فاشلة مع شخصية إنسانية مثقفة اسمها (سليمان التوحيدي) لأنها صاحبة ثقافة ورؤيا . وهي وإن ارتبطت بالتوحيدي على اسمه لكنها ترتبط بكل شخصية مثقفة في الرواية وتلك الشخصيات مثلتها أسماء عدة نذكر منها : (علاء الدين)، و(العلامة)، و(سرحان سرحان)، و(الكاتب الطويل). وكانت تتطلع إلى علاقة متكافئة مع الحبيب المثقف الذي صدمها تخلفه وتراجع وعيه لعلاقاته الإنسانية، واصطدمت كذلك بادعاءات المثقف الكاذبة باسم "الكرامة" الكاذبة والعلاقة غير المحترمة مع المرأة .

 

- ترتبط الزرقاء بعلاقة مع (بئر الأسرار) الذي يرشدها في رحلتها عبر سلطنة النوم، باعتباره مطلعًا على الأسرار وصديق (سلطان النوم).

 

- لزرقاء اليمامة صفات قربتها من الأسطرة منها أنها ترى العاصفة وهي قادمة من بعيد، وقد خاضت صراعها الخرافي معها، وهي تعاني من الشلل متسلحة بالحلم، وبموسيقى البحر، واستطاعت تحمل هجوم العاصفة الذي دمر مدينة الضاد، لتنهض الزرقاء من جديد وبالتالي لتصبح زرقاء اليمامة نموذجاً للحياة في تجلدها.

 

- تخوض الزرقاء حربًا مع سلطان النوم، السلطان الذي لا يهزمه أحد، وقد تحولت العلاقة بينهما من الشراسة ، إلى الحب الأفلاطوني، ومع أن سلطان النوم يحقق انتصاراته على الجميع بما في ذلك الزرقاء، ولكنها لا تسلم لـه نفسها إلا بشروطها هي، شروط الغالب، فتدخل مع سلطان النوم لعبة الأحلام، في محاولة يائسة منها لإعادة الناس إلى الواقع في نضالها ضد الخراب السائد.

 

- ضجت المدينة بحثًا عن النوم، عن الأحلام المخدرة التي تلطف الواقع المر فيصير قابلاً للحياة، فينهزم حلم زرقاء اليمامة ولكنها لا تلبث أن تنتصر على مرضها، وشيخوختها، فتجدد مثل آلهة الخصب، رافضة دعوة سلطان النوم لها، مع بقائها في حالة حيرة مربكة، فالواقع مدمر، والمخرج الأمريكي وكاميراته تسيطر على مجمل المشهد.

 

انتهى مقطع البحث

 

تعليقات