سلسلة مقالات "ويعلمنا طلال أبوغزاله".. لُبنان.. وفرصَة إصْلاح ما أفسَدَهُ الدّهر، كتبها: عماد علي الخطيب

سلسلة مقالات "ويعلمنا طلال أبوغزاله"..

لُبنان

وفرصَة إصْلاح ما أفسَدَهُ الدّهر

لبنان هو لبنان العرب، وسأتكلم بصفة "طلال أبوغزاله" لبناني – كما يُعلّمنا -؛ لأنّه عروبي، ويشعر بما أصاب لبنان، كما يشعر بما يصيب الفلسطينيين والسوريين واليمنيين والليبيين وأي بلد عربي.. 

كارثتنا كأمة هي كارثة واحدة، وعدوّنا هو عدوّ واحد.

ويعلمنا طلال أبوغزاله..

"إنّني أحبّ هذا البلد، كما يحبّه كلّ لبناني، لأنّني عشت، وترعرعت فيه، وفي مدارسه وجامعاته تعلمتُ، وفوق أرضه أنشأت مؤسّستي التي أصبحت ما هي عليه الآن، وكلّ ذلك بفضل دعم هذا الشّعب العظيم، ومحبّته، فأنا لبنانيّ قلبًا وشعورًا وعقلًا، وسأركّز على (عقلًا)؛ لأنّه في الأزمات يجب أن نُحكّم العقل، لا العاطفة".

وتحيط بلبنان الآن كوارث عدة، كانت قد بدأت بكارثة "انفجار المرفأ"، واستمرت إلى الوضع الذي نشهده..

ولا يقلل من أهمية ما يجري على أرض لبنان أحد!

فلا يتهم أحد "طلال أبوغزاله" بالتقليل من أهمية الكوارث عندما يسمعه يقول بأنه يجب الانتصار على الآلام والكوارث؛ فالانتصار يُرضي أرواح الشهداء والجرحى، وكما يقول دائمًا: "الكوارث لا تصنع النّهايات، بل تنبئ بالبدايات"؛ ولنا في شواهد الكون عبرة: فـ (ألمانيا) التي دُمرت في الحرب العالمية، أصبحت من أهم خمسة اقتصادات على مستوى العالم، واليابان أظهرت عظمتها بعد استهدافها بالنّووي.. 

وإن في التاريخ دروسًا عن أمم عظيمة نهضت من بعد كوارث أصابتها.

نعرف – تمامًا – قدرة شعب لبنان العظيم على الصمود، فحتى في أعتى الحروب العدوانية الإسرائيلية لم يقهر! ويجب ألا نستجدي العالم كذلك لكي ينقذنا. 

وفي الوقت نفسه، يجب ألا ننسى واجبنا تجاه إعادة بناء المرفأ أولا، وبناء لبنان ثانيًا، وأعني ببناء لبنان العناية بمحو الأمية الرقمية، وتنفيذ بنية تحتية تُعنى بالتحول الرقمي وعلينا وضع تنفيذ مشاريعها على الأولوية، إضافة إلى نهضة التعليم وبناء القدرات والمهارات.

وهذا هو الردّ الأنسب على جريمة تفجير المرفأ، التي أظهرت ما كان مختبئًا تحتها، وبقية ما يصيب لبنان من "تفجيرات مادية ومعنوية"!

 ويعلمنا طلال أبوغزاله..

"إنني أول من يقدّم وبشكل تطوّعي أي جهد وأي مساعدة مطلوبة مني كمواطن عربي، أولًا وكلاجئ فلسطيني في لبنان ثانيًا، وأدين بالفضل لهذا البلد؛ فأنا أضع نفسي تحت التّصرّف بأي شكل تراه قيادة هذا البلد العزيز.. وأقول ذلك لأنني أنظر إلى المستقبل بمعايير التاريخ والجغرافيا والعنصر البشري الإنساني.. صاحب الإرادة الأكبر". 

ويجب ألا نستمر بالتشكيك في رجالات لبنان!

إن في لبنان رجالا خيّرين، وإن عبارة "كلّن يعني كلّن" قد تبدو جذّابة، ولكنها لن تحلّ المشاكل، بل ستعمقها؛ فأنت تحكم على كلّ من حَكَم لبنان بالفساد.. وبالتالي ليس هنالك أمل فيه، وهذا غير صحيح، فيا أبنائي وبناتي: سمّوا الأشياء بأسمائها!

إن منطق العقل والحكمة والوطنية الحقّة يوجب علينا أن نبحث "كيف نُصلح النّظام بدل أن نتهمه"، كما علينا معرفة أنه يتم منع الفساد من خلال إجرائين متساويين:

1. إصلاح النّظام، ومحاكمة الفاسدين.

2. بناء لبنان.

وعلى الدولة ألا تراجع كلّ فريق من الفرقاء؛ لاتخاذ القرار قبل عرضه على مجلس النواب أو بعد عرضه على مجلس النواب! 

فهي دولة لا تمارس الديمقراطية بذلك، وكما يقول العرب: "ما هكذا تُساق الإبل"، ففي لبنان نظام ديمقراطي، وتعريف هذا النظام أن الشعب يقوم بانتخاب ممثلين، وأن الشعب هو مصدر السُلُطات، وأنه يوكَل للنّواب اتخاذ القرارات بموجب الثّقة المُخوّلة له من النّاخب، وبالتالي يصبح هو مصدر السلطات أعني "مجلس النواب"، وليس الفرقاء أو الأحزاب؛ لأن الفرقاء سينتهي دورهم، ففي أمريكا عندما يُطرح أي موضوع ويحتاج إلى قرار هل نذهب لاستشارة الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري.. الجواب (لا).

وهكذا.. يدعو طلال أبوغزاله "مجلس النواب اللبناني" إلى أن يأخذ دوره في هذا الظرف الحسّاس وأن يسعى إلى إعادة النهوض بلبنان من خلال إنشاء (الجمهورية اللبنانية الجديدة) التي يُصاغ فيها كل ما يُصاغ، حسب الأصول الديمقراطية والنّظامية، مما سيفيد في نهضتها وتوجهها إلى التّحوّل الرّقميّ ومحوّ الأميّة.

ولكن، كيف يمكن لهذا أن يتم؟ 

إنه بإرادتين: سياسية وشعبية/مجتمعية.

أي بقيام (مجلس النواب) بالدّعوة للقاء وطنيّ تشاركيّ تدعى خلاله الأحزاب والمؤسسات الوطنية، من أجل الخروج بنظام يُحقّق الدّيمقراطية لجميع اللبنانيين ويضمن الحياة لهم، ونحن لا نحتاج في هذا إلى رعاية دولية أو رعاية عربية، ففي لبنان عقول وكفاءات يعرفها "طلال أبوغزاله" جيدًا وكان قد تعايش معها.. وتملك قدرات فكرية، وعلمية، وسياسية، واقتصادية، لا نظير لها.. "حان الوقت لوضع نظامٍ لحُكم هذا البلد العظيم".

ويؤلمنا في لبنان أن اللبنانيين لا يدركون نظر العالم إليهم بإكبار!

ولا يجوز أن نطعن بقدراتنا المعرفية والعقلية والعلمية، ولنبارك التوجه إلى بناء الرقمية في الدولة الجديدة.. وسيبقى لبنان هو "الرِئة العربية"، وعلى الدّوام.

 

تعليقات