عماد الخطيب يكتب عن : الاحتكار وأكاديمية الكبار.. في زمن الثقافة المفتوحة


الاحتكار وأكاديمية الكبار.. في زمن الثقافة المفتوحة

 


          كان فيما مضى أن تعلمنا ضرورة احتكار جزئية ما لنكتب منها بحثًا، ثم تكون هدفًا لأطروحتنا ونيلنا الدرجة العلمية. وتعلمنا أيضًا أن مراجعة غير الأستاذ المشرف على الرسالة أمر يوحي بالاستخفاف بقدرة الأستاذ المشرف على حل معضلات الرسالة. وتعلمنا أن المنافسة شديدة بين كل أديب وناقد وعالم ومبدع وقس عليهم من تشاء؛ للوصول إلى قمة الهرم! وتعلمنا أن تكون الفكرة حكرًا عليَّ فقط وألا أمنحها غيري، حتى وإن ماتت عندي! وما أجهل ما تعلمنا! واليوم في ظل ثورة التقنيات وزمن الثقافة المفتوحة نأسف أن نقول لمن علّمنا أن الصواب هو:

1-     أن نعمل في مجموعات مخبرية ونناقش أفكارنا معًا ونكمل بعضنا بعضًا.

2-     أن نشكل مشاريع بحثية جماعية ونستفيد من خبرة الآخرين.

3-     أن نتبادل المعارف ونثبت الحب بيننا ونتنافس في كثرة العطاء.

4-     أن نصل معًا للهرم يعني أن يكون هرمنا أقوى.

5-     أن نعلّم طلابنا الحب والتضحية لا اللؤم والخبث.

وماذا بعد،

 

          فعذرًا، لقد ثبت فشل ما علمتمونا، وسنقوم بتغيير ثوبنا منذ عشرين سنة ليتناسب مع ثورة ما نعيشه، فما توقعتم يومًا أن افتخاركم بتصوير آلاف الصفحات من الكتب للرجوع إليها ما عاد له قيمة تذكر، وأن افتخاركم بالمكوث بين رفوف الكتب في المكتبة لم يعد محل ذكر! وأن افتخاركم بكتابة عشرات الآلاف من بطاقات البحث بات ضربًا من تضييع الوقت! فما أسهل ما افتخرتم به علينا.. وقد صار كل ما افتخرتم به جاهزًا عند أقل خبراء أجهزة الحاسوب منّا. كان الأجدر بكم أن تربونا لهذا اليوم، ولكنكم لم تصنعوا، وتمسكتم بماضيكم وكأنه سيكون حاضرنا. من قال لكم بأن الدنيا ستقف عند ما صنعتم؟ لم تتوقعوا أن تطير بنا الدنيا إلى حيث تلغي كلّ ما أقنعتمونا به وما كنتم تزرعونه من بطولات وخوارق، هي لا تصلح اليوم للتندر حتى!

 

          وا أسفاه، لو كنتم علمتمونا لجيلنا الذي به نحيا اليوم، لكنا أفضل مما نحن عليه. لكنكم بخلتم. أو غرّكم ما أنتم عليه. فلن نكرر هذا مع طلبتنا. وسنربيهم لغير جيلهم. ولن نفخر بتعالي عليهم يومًا، كي لا يقال عنّا ما قلناه عنكم. وسامحونا.

 

 

 

تعليقات