في يوم اللغة العربية يكتب عماد الخطيب: آخر مُعْجِزَات 2023 أنّنا مَا زِلْنا أحْيَاء "كذبوا ثلاثًا.. وصدّقناهم"

 

آخر مُعْجِزَات 2023 أنّنا مَا زِلْنا أحْيَاء

"كذبوا ثلاثًا.. وصدّقناهم"

د.عماد الخطيب



بمناسبة يوم اللغة العربية الذي يعترف به العالم، وليس بالضرورة أن أعترف به، أو يعترف به أحد!

فليس هم أو أي أحد من يثبت أن العربية "لغة معجزة"..

فانظر، وقد جرّبوا أنْ يستثنوها في تعليم أبنائهم واختاروا أن يتعلموا باللغة الإنجليزية، فاصطدموا باختلاف الثقافات، وانسلاخ الابن عن أبيه وأمه ومجتمعه.

ولقد جرّبوا أن يكتبوا باللغة افنجليزية أو باللهجة العامية؛ واتّهموها بالتّقصير، فاصطدموا بالتّعريب الذي أخذت به دول ونجحت، ولا مِنْ مسوغ لحديث الأطباء، مثلا، بلغة غير لغتهم أثناء ممارستهم لدورهم العلاجي وهم (الحكماء)!

إنّها معجزة أننا ما زلنا أحياء!

فالعالم يكيد لنا، ولكن لن يفنى العرب إلا بفناء لغتهم، وأنّى لها أنْ تفنى، والقرآن الكريم يحميها ويعيش بين أحضانها.

فكن منصفًا إذا ما تحدثت عمّن يتحدث العربية من المسلمين، وهم كُثُر، واسعد إذا تستمع للكنة مَنْ يتحدّثون العربية، ولكنهم إذا هم يقرؤون القرآن الكريم، فإنهم يقرؤونه بكل طلاقة!

إذن، اللغة العربية غير كلّ لغات العالم، وفي طريقة تعلّمها انفرادية من خلال اتّصال تعلّمها بالقرآن الكريم، وتعلّقها المباشر به صوتًا وصورة.

ولقد كذبوا يوم قالوا بأنّها قاصرة عن إدراك مصطلحات العلوم الحديثة!

وأنه لا يمكن لها أن تجاري المصطلحات والمسمّيات التي عرفها العالم هكذا كما هي... والصّواب أنّنا نحس بالهزيمة والانكسار ووجوب التبعية والخوف من التقدم نحو القيادة! فلم نُتْعِب خيالنا لنعرف رديف أي مصطلح إنجليزي؛ لنفظه باللغة العربية، بل إننا لا نريد ذلك، ولكن شعوبًا أخرى أرادت ذلك، فاقرأ إن شئت طبّ الألمان او الفرنسيين أو التراك. فلماذا قصّر فَهْمُ العربيّ ليعرّب المفاهيم والمصطلحات والمسميات بلغته!

أما الكذبة الثانية فهي أن اللغة العربية لها علاقة بالصّلاة والدّين فقط! وهذا ليس خطأ كله، نعم، هذا صحيح، وربط اللغة بالدين موجود عند كل لغات العالم، فمناجاة الله تعالى تكون باللغة التي تحس معك وتحس بك، وذلك تميّز، ولكنْ من الدين والصلاة ننتقل إلى الحياة كلّها؛ لأن في الدين وتعاليم الصلاة تشع الحياة كلها.

والكذبة الثالثة أنّ اللغة العربية تاريخ ومضى!

فثمة ألفاظ لم يعد لها وجود، ولا نستعملها اليوم. وهذا تميّز لا عيب؛ فاللغات الحية تتطور ألفاظها وتموت بعضها من الاستخدام، وهذا معروف، ويكون حسب تطوّر الأجيال والعصور وتناسب الألفاظ للمسميات والتداولات. وما تقصيرنا اليوم إلا تقصير فَهْم. ونقصان حِرْص. فَرَضِينا أنْ نكون من الخَوَالف. وهَانَ علينا تَرْك مركز القيادة!

إن اللغة العربية معجزة!

نزلت مع آدم واستمرت في العصور ترتفع شأنا كلّما أردنا لها ذلك؛ فالأمُم هم الذين يرفعون من شأن لغاتهم، مُدركين أنّ قيادة العالم سياسيًّا تحتاج إلى قيادته لغويًّا؛ كي يفهم عليك العالم ما تقول.

والعجيب أن تؤمن أن قائد تركيا مثلا يقود العالم لأنّه يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة!

أم أن قائد إيطاليا يفخر بأنه أخذ اسم أشهر أكلة عندهم من اللغة الإنجليزية!

أم أن قوم إفريقيا يغنّون أغنياتهم الشّعبية باللغة الإنجليزية!

ولن ترى هذا العجب العجاب إلا عند جيل من العرب الذين مسحوا من ذاكرتهم كل قصص العزة والكرامة، واستبدلوها بما تعلم أو ما لاتعلم..

وإنها آخر المعجزات في 2023 وسيتبعها معجزة لم تكتمل بعد: هي معجزة انتصار أهلنا في فلسطين في غزة على يهود العالم.

وصرنا نرى العالم يترجم عن لغتنا خطابات كبار المجاهدين الذين لم يترجموا كلماتهم. فمن أراد أن يفهم فليبعث بعربيّ يُترجم له. وليكن أمينًا، ولقد زاد الطلب على مترجمين عرب أثناء الحربو لأول مرة.

وشكرًا لأبطال فلسطين؛ فقد تعلّمنا منكم الكثير، ولقد أعدتم هيبتنا وهيبة لغتنا. أنتم مثال لكل عزيز، ولقد استعدنا معكم أصل المعجزات "إنْ تنصروا الله ينصركم" وهذا ليس في المعركة بل في الحياة ولغة القرآن الكريم. شاء من شاء وأبى من أبى.  

 

تعليقات