الأمّة الأندلسيّة الشَّهِيدة.. وصُوْرَة لَنْ تَتكرّر فِيْ غَزَّة "التّاريخ لا يَكْذِب.. فَالعَدَاوة في الدَّم"

 

سلسلة مقالات طوفان الأقصى

إلى المذيع الذي يصرخ في وجوهنا لإقناعنا أنّهم أعطوا للعدو ذريعة ما يفعلون!

الأمّة الأندلسيّة الشَّهِيدة.. وصُوْرَة لَنْ تَتكرّر فِيْ غَزَّة

"التّاريخ لا يَكْذِب.. فَالعَدَاوة في الدَّم"



د.عماد الخطيب

ما أشبه اليوم بالأمس: إنّه حقدٌ دفين، لم يغفر له.. لا تطوّرُ العلاقات، ولا فَهْمُ أسباب تبدّلها، مع (نظامٍ عالميّ جديد) يدّعي (حرّية سقفها السّماء)، وَوَهْمٍ غذّاه (الإنترنت) الذي أسموه زورًا (ملك الحرّيّات).

ولن يتكرّر في غزّة، ما حصل في شبه جزيرة آيبرية.

فالتّاريخ الذي ننتمي إليه لا يكذب، كما يكذب أرباب الحاضر!

وتقول (فلسفة التّاريخ) أنّ ماضي ما حصل في الأندلس لا يتشابه مع حاضر ما يحصل في غزّة.

ولن نبحث في منافذ جدليّة؛ تُستخدم جسرًا للعبور إلى ساحة الهُجوم على الإسلام، وتأجيج الرّوح الصّليبيّة التي يقولون زورًا أنّنا انتهينا منها، ويريدون منّا أنْ نؤمن بذلك!

ولا تنحصر مسؤوليّة (المؤرّخ) في (التأريخ) فقط، بل في دراسة (الأثر) وتتابعاته، خصوصًا إذا كان "للمؤرَّخ إليهم"مكانة بين شعوب الأرض".

والمكانة تفرضها الهَيبة، ولا تتحدّد باعترافات كائنًا من كان، ولا بمواثيق دوليّة، ولكن تحدّدها ثوابت الصّراع بين (الشّرق والغرب)، وأنّ الشرق لنا والغرب لهم، وهذا ما جعلهم يضربون بيدٍ من حديد على الأندلس، وأهلها!

أمّا غزّة، فكونها في الشّرق، وكونهم يعرفون أنْ لا مكان لهم في الشّرق، فليس لهم إلا (ادّعاء) أنّهم الجسر الحضاريّ للشّرق من الغرب، فالعُقدة الأندلسيّة التي نقلت حضارة الشّرق إلى الغرب ما زالت في ذهنهم!

وما حصل فعلا أنّ العالم الصّليبيّ ساهم في انهيار الخلافة القُرطبيّة في نهايات الشّرق وحدود الغرب، واجتاح القشاتلة والبرتغال والآرغونيون والفرنسيون الأندلس، حتى أصدر الملك فيليب الثاني مرسومًا يُخوِّلُ أيّ جنديّ قتل أيّ أندلسيّ وسبي أيّ امرأة، ودَفَعَ الأندلسيّون –وحدهم- ثمن الحرّيّة التي لم تتحقّق، ووقعت مأساة الأمّة الأندلسيّة، ونفّذ حُكِمَ تغريب الأندلسيّين، واستولت أوروبا على تركاتهم، وبَطَشَ البرابرة بالحضارة الأندلسيّة التي تحوّلت إلى طيفٍ يداعب الخيال.

وتفرّق الأندلسيّون في المنفى وكوّنوا أوطانًا بديلة، في المغرب وتونس ومصر ودمشق..

وفي التّاريخ أنّ (آيبرية) كانت تبعًا إلى إمبراطوريّة [روما] وعاصمتها (القسطنطينة) حتى سادها الاضطراب، ووصلها المسلمون، وأقاموا خلافة إسلاميّة أندلسيّة عُدّت الأقوى عسكريًّا، ثم تآمر العالم عليها وفرّقوها طوائف، وسقطت رايات دويلاتها أمام قوّات القشتالة والآرغون والبرتغال والفرنسيين الموحّدين أمام أعين بعضهم بعضًا ظانّين أنّهم في مأمن!

وكان أن اعتلت ايزابيلا عرش قشتالة، واعتلى فرناندو عرش آرغون، فاتفقّا على تدمير مملكة غرناطة كانتقامٍ على فتح السّلطان العثماني محمد الفاتح لمدينة اسطنبول، وفتحه٢١ مملكة و200 مدينة في جنوب أوروبا، وموّل (البابا) الحملة، ضدّ الغرناطيين، وساهم في تمويلها اليهود والإيطاليون والهولنديون والألمان!

وهنّأ فرناندو (البابا) يبشرّه بإنهاء آخر وجود إسلاميّ في شبه جزيرة آيبرية!

وأهدى (البابا) لقب (المَلِك) إلى فرناندو وإيزابيلا اللَّذين ضيَّقا الخناق على المسلمين، بالتّجسّس عليهم، وانتهى الأمر يإصدار (إيزابيلا) مرسوم تنصير الأندلسيين جميعهم، ولم يستسلم الأندلسيون، واستُشهد الكثير، وهُجِّر الكثير، ورغم قيام الثّورات الأندلسيّة فقد صاروا (تاريخًا) يقرأ! لا وجود لهم من مآسي التّعذيب في محاكم التّفتيش، وانتهى المر بإصدار أوامر حرقهم أحياء!

ولم يبق أيّ أندلسيّ مسلم على أرض الأندلس!

وهذا لن يتكرّر في غزّة؛ لاختلاف البعد الجغرافيّ والاجتماعيّ والسّياسيّ بينها وبين شبه جزيرة آيبرية.

 

تعليقات