عماد الخطيب يكتب "رابطة الكتاب والتكريم"


رابطة الكتاب والتكريم



"اقتراح لتكريم من ذهبت أجسادهم؛ وما زالوا بيننا منذ ألف عام"
بقلم:د. عماد الخطيب
تلجأ المجموعات إلى تكريم أعضائها لأسباب هي:
ملء فراغات برنامجها، أو ظنها بأن التكريم حق لكبار السن، أو لمن توفاهم الله تعالى..
هل يذكر أي حفل تكريم سببا مقنعا لتكريم فلان..
فلا خطة واضحة المعايير نسير عليها في تكريمنا؛ ولقد علموا لمن كرموا ما لهم في تكريمهم من أسباب!
هل تكتفي أيها المكرم بدرع وساعتين من المحاضرات لتلميع مسيرتك، وتظن أن الشرق والغرب بات لك ناصتا..
لا يا سيدي..
فالمتنبي لم يحصل على درع أمير الشعراء، وتخيل معي يا رعاك الله إن خرج، أفإن وقف على المسرح: من سيبقى ممن يسمون أنفسهم بالشعراء، أو النقاد "ظلما وبهتانا".
أما صاحب لسان العرب فما زال بيننا رغم التحول الرقمي الذكي، إلا أننا لم نستغن عنه لمعرفة أدق أسرار العربية..
ولولا أناس نقطوا الحروف، واخترعوا الجرح والتعديل، وفسروا تأويل القرآن الكريم.. ما عرفنا أن نكتب حرفا...
هؤلاء من يجب ألا نمل في تكريمهم..
ولا أبالغ إن قلت إنني أقترح تكريم "ملك الشعراء" و"أصحاب الموسوعات" و"رجال السير وأعلام النبلاء" الذين حفظوا لنا تاريخنا، فحفظناهم في حاضرنا، وستحفظهم أجيال مستقبلنا..
كرموا الخليل، وابن سينا، والقلقشندي.. يكفي أنك ترى في اسمهم ثلاثة مواطن نسبوا لها على الأقل بين كل منها مسيرة شهر "بغدادي قرطبي حلبي" ماهذا التاريخ المشرق، وما هذا الحاضر والمخازي!
يا سيدي المكرم، ويا سيدي المكرم:
لا تستغرب كلامي، فأنا أستحي أن تكرمني وأن تتناسى أسيادا يستحقون هم التكريم..
عاشوا للعلم فكرمهم التاريخ والحاضر وسيكرمهم المستقبل..
احترموا مكانتهم ولغتهم وأدبهم؛ فامتلأت الدنيا بذكرهم..
وبعد،
فهل صدقتك نفسك أنك تكرم!
وهل سألتك: علام كرمت!
ماذا أضفت من علامة فارقة، لا يشبهك بها أحد..
فتأليفك لعشرات الكتب لا يعني شيئا، إلا إذا سبق أحدها من قبله وأتى بقاعدة لمن بعده..
وكتابة رسالة دكتوراه عن مجمل أعمالك لا يعني شيئا، إلا إذا أثبت الباحث دوافعه في اختيارك، وهو لن يفعل، وأنت لن تطلب منه أن يفعل، فلا أسباب دفعته سوى ما نعرفه جميعا..
سيدي المكرم:
تاريخنا مليء بأساليب تكريم لم تكن الاحتفالية واحدة منها.. بل إن أهمها أن يذكرك تلاميذك ويدونوا ما أمليتهم؛ فكتب يا سيدي خطها تلاميذ مالك بن أنس، رضي الله عنه، وصارت نسخا لشرح الموطأ: أساسا للمذهب المالكي.. مثلا
هذا هو التكريم!
ولكن، عندما تفلس المجموعات فلا يعود للتكريم معنى..

تعليقات